وقيل: المراد بذلك التَّسْمية، إلَّا أنَّ الآية منسوخةٌ بقول الله عزَّ وجلَّ:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥]؛ لأنَّ الله أباح بقوله هذا أَكْلَ ذبائحهم، وهم لا يُسَمُّون الله عليها. وقيل: إنَّها ليست بناسخة لها، وإنَّما هي مُخصِّصة لها؛ فالتَّسْمية لها على هذا شرطٌ في صحَّة ذكاة المسلم؛ قيل: على كُلِّ حال، وقيل: مع الذِّكْر والقُدْرة، وهو مذهب مالك رحمه الله، وبالله التوفيق لا شريك له.
[مسائل أبي الوليد ابن رشد (١/ ٥٦١ - ٥٦٧)]
* * *
(٦٣٠) السؤال: سُئِلَ سيدي أبو عبد الله بن عقاب عن اتِّفاق عامَّتهم على إعمال ذكاة الكتابيِّ فيما يُذكِّيه لنفسه بشروطه المذكورة، وقالوا في المعروف من المذهب: لا يُوكَلُ ما صاده لنفسه. مع أنَّ الاصطياد أحد نوعي الذَّكاة، والشروط المذكورة في الذَّكاة يمكن حصولها في الصَّيد؛ كالقَصْد للاصطياد الذي هو مقابل القَصْد للذَّكاة، وكون المَصِيدِ به مُحرَّماً كذلك أيضاً.
الجواب: أمَّا مسألة صيد الكتابيِّ وكون المشهور فيها مُعارِضاً لأصل المذهب في أَكْل ذبيحته، فقد اعترض هذا التعارض كثيرٌ من الشيوخ؛ كاللَّخْمي، والباجِيِّ، وابن رُشْدٍ، وابن العَرَبيِّ، واختاروا قول ابن وَهْبٍ وأَشْهَب بإباحة صَيدِه.
وأقول: إنَّ الجواب عن هذا التعارض يَنْبَني على أربع قواعد: الأُولَى: القولُ بالعُموم. الثانية: القولُ بالمفهوم. الثالثة: تخصيصُ العُموم بالمفهوم. الرابعة: امتناعُ القياس على الرُّخَص.
وبيان القاعدة الأُولَى: أنَّ قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] عمومٌ؛ فيتناول ما ذبحوه