(٢١١) السؤال: إذا كان عاصياً مُقيماً حاضراً، فاضطرَّ إلى أَكْلِ المَيْتَةِ، يَحِلُّ له أَكْلُهَا مع كونِه عاصياً بأنواع المعاصي، بخِلافِ السَّفَرِ إذا كان عاصياً به.
فإنْ قيلَ: أَلَيْسَ قد قال الله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ}[البقرة: ١٧٣]، وهذا باغٍ ظالمٌ، فيجبُ أنْ لا يباح له؟
الجواب: إنَّما أرادَ أن يكون باغياً في السبب الذي أَلْجَأَهُ إلى أَكْلِ المَيْتَةِ، فإنْ كان بَغْيُه هو الذي أَحْوَجَهُ إلى أَكْلِ المَيْتَةِ؛ فلا نُبيحُها له، وهذا إنَّما يُتَصَوَّرُ في سَفَرِ المعصية؛ لأنَّ بَغْيَهُ بسَفَرِه هو الذي أحْوَجَهُ إِلى أَكْلِها. فأمَّا المُقيمُ فليس بَغْيُهُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ والصِّيامِ وارتكابِ المَحْظوراتِ هو الذي أَحْوَجَهُ إلى أَكْلِ المَيْتَةِ حتَّى يُقالَ لا يَحِلُّ له ذلك؛ لأنَّه يؤدِّي إلى أنْ تكونَ المعصيةُ سبباً إلى جَلْبِ التَّخفيف والرُّخْصَةِ، كما في المسافر يؤدِّي إلى أنْ يكونَ بَغْيُهُ سبباً لذلك؛ فيصيرُ تقديرُه كأنَّه ممَّن اضْطُرَّ بسببٍ هو غير باغٍ فيه، ففي حقِّ المسافر من الأخطار بسبب بَغْيِهِ، فلمْ يكنْ بُدٌّ من التوبَةِ عنه، بخِلافِ هذا.