الحَدَث على طهارة الخَبَث؛ فمَنَعوا الحُكْم في الأصل. وهذا ليس بشيءٍ؛ ولهذا كان أصحُّ قولَي العُلماء أنَّه إذا صَلَّى بالنَّجاسة جاهلاً أو ناسياً فلا إعادة عليه، كما هو مذهب مالكٍ، وأحمد في أظهر الرِّوايتين عنه؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- خَلَعَ نَعْلَيْه في الصَّلاة للأذى الذي كان فيهما، ولم يستأنِف الصَّلاة. وكذلك في الحديث الآخر، لمَّا وَجَدَ في ثوبه نجاسةً، أَمَرَهُم بغَسْلِه، ولم يُعِد الصَّلاة؛ وذلك لأنَّ ما كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعلَهُ العَبْدُ ناسياً أو مُخطِئاً، فلا إثم عليه؛ كما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة؛ قال تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب: ٥]، وقال تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، قال الله تعالى:(قَدْ فَعَلْتُ)، رواه مسلم في صحيحه.
ولهذا كان أقوى الأقوال: أنَّ ما فَعَلَه العَبْد ناسياً أو مُخطِئاً من مَحظورات الصَّلاة، والصِّيام، والحَجِّ لا يُبْطِل العبادة؛ كالكلام ناسياً، والأَكْل ناسياً، والطِّيب ناسياً، وكذلك إذا فعل المَحْلُوف عليه ناسياً.
وفي هذه المسائل نزاعٌ وتفصيلٌ ليس هذا موضعُه، وإنَّما المقصود هنا التَّنبيه على أنَّ النَّجاسة من باب ترك المَنْهيِّ عنه، وحينئذٍ فإذا زال الخَبَث بأيِّ طريقٍ كان، حصل المقصود، لكن إن زال بفِعْل العَبْد ونِيَّته، أُثيب على ذلك، وإلَّا إذا عُدِمَت بغير فِعْله ولا نِيَّته زالت المفسدة، ولم يكن له ثوابٌ، ولم يكن عليه عقابٌ.
[مجموع فتاوى ابن تيمية (٢١/ ٤٧٤ - ٤٧٨)]
* * *
(٧٢١) السؤال: هل يجوزُ إزالةُ النَّجاسَة بغير الماء؛ كالخَلِّ وغيره من المُزيلاتِ أو المُطهِّرات؟
الجواب: إزالة النجاسة ليست ممَّا يُتعبَّد به قصداً؛ أي أنَّها ليست عبادة