مثلاً، وقال الأطبَّاء: إنَّه لا يمكن وَقْف انتشار هذا المرض إلَّا بقَطْع عضوٍ، ومعلومٌ أنَّ قَطْع الأعضاء حَرامٌ، لا يجوز للإنسان أن يقْطَع ولا أُنْمُلَةً من أَنامِلِه، فإذا قالوا: لا بُدَّ من قَطْع العضو، كانت هذه ضرورة، إذا تأكَّدوا أنَّه إذا قُطِع انقطع هذا الدَّاء الذي هو السَّرَطان.
أمَّا البَنْجُ: فلا بأس به، لأنَّه ليس مُسْكِراً، السُّكْرُ زَوال العَقْل على وَجْه اللَّذَّة والطَّرَب، والذي يُبَنَّج لا يتلذَّذ ولا يَطْرَبُ، ولهذا قال العُلماء: إنَّ البَنْج حلالٌ ولا بأس به، وأمَّا ما يكون من موادِّ الكُحول في بعض الأدْوية، فإن ظهر أثر ذلك الكُحول بهذا الدَّواء بحيث يَسْكَرُ الإنسانُ منه فهو حَرامٌ، وأمَّا إذا لم يظهر الأثر، وإنَّما جُعِلَت فيه مادَّة الكُحول من أجل حِفْظِه، فإنَّ ذلك لا بأس به؛ لأنَّه ليس لمادَّة الكُحول أثرٌ فيه.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (١٧/ ٣٠ - ٣١)]
(١٠٤٣) السؤال: ما حُكْمُ استعمال الكُحول في تعقيم الجروح وخَلْط بعض الأدْوية بشيءٍ من الكُحول؟
الجواب: استعمال الكُحول في تعقيم الجروح لا بأس به؛ للحاجة لذلك، وقد قيل: إنَّ الكُحول تُذْهِب العَقْل بدون إسْكار، فإن صحَّ ذلك فليست خَمْراً، وإن لم يصحَّ وكانت تُسْكِر فهي خَمْر، وشُرْبُها حَرامٌ بالنَّص والإجماع.
وأمَّا استعمالها في غير الشُّرْب، فمَحَلُّ نَظَر؛ فإن نَظَرْنا إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)} [المائدة: ٩٠]. قُلنا: إنَّ استعمالها في غير الشُّرْب حَرامٌ؛ لعموم قوله:{فَاجْتَنِبُوهُ}.
وإن نَظَرْنا إلى قوله تعالى في الآية التي تليها:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[المائدة: ٩١]. قلنا: إنَّ استعمالها في غير الشُّرْب