وعلى هذا؛ فإننا نرى أنَّ الاحتياط عدم استعمالها في الروائح. وأمَّا في التعقيم فلا بأس به لدعاء الحاجة إليه، وعدم الدليل البَيِّن على منعه؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (ص ٢٧٠ ج ٢٤ من مجموع الفتاوى): التَّداوي بأَكْل شَحْم الخنزير لا يجوز، وأمَّا التَّداوي بالتَّلطُّخ به ثُمَّ يغسله بعد ذلك، فهذا مبنيٌّ على جواز مباشرة النجاسة في غير الصَّلاة، وفيه نزاعٌ مشهورُ. والصحيح أنَّه يجوز للحاجة، وما أُبِيحَ للحاجة جاز التَّداوي به. اهـ.
فقد فرَّق شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بين الأَكْل وغيره في ممارسة الشيء النَّجِس، فكيف بالكُحول التي ليست بنَجِسَة؟ لأنَّها إن لم تكن خَمْراً فطهارتها ظاهرةٌ، وإن كانت خَمْراً فالصواب عدم نَجاسَةِ الخَمْر؛ وذلك من وجهين:
الأوَّل: أنَّه لا دليل على نجاستها، وإذا لم يكن دليلٌ على ذلك فالأصل الطهارة، ولا يلزم من تحريم الشيء أن تكون عَيْنُه نَجِسَةً؛ فهذا السُّمُّ حَرامٌ وليس بنَجِس، وأمَّا قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}. فالمراد الرِّجْس المَعْنَوي لا الحِسِّي، لأنَّه جُعِل وَصْفاً لما لا يمكن أن يكون رِجْسُه حِسِّياً؛ كالمَيْسِر والأَنْصاب والأَزْلام، ولأنَّه وَصَفَ هذا الرِّجْس بكونه من عمل الشيطان، وأنَّ الشيطان يريد به إيقاع العداوة والبغضاء؛ فهو رِجْسٌ