للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال مالكٌ: وبلغني أنَّ عمر بن الخطَّاب كتب إلى البلدان ينهاهم أن يكون النَّصارى واليهود في أسواقهم صيارِفَةً أو جَزَّارين، وأن يُقاموا من الأسواق، فإنَّ الله تبارك وتعالى قد أغنانا بالمسلمين.

[المدوّنة الكبرى (١/ ٥٤٥)]

* * *

(٥٣٧) السؤال: ذبيحةُ الذِّمِّيِّ الكِتابيِّ هل تَحِلُّ مُطلقاً أو لا؟

الجواب: تَحِلُّ ذبيحة الكتابيِّ؛ لأنَّ من شَرْطها كون الذَّابح صاحب مِلَّة التَّوحيد حقيقةً كالمُسلم، أو دَعوًى كالكتابيِّ، ولأنَّه مُؤمنٌ بكتابٍ من كُتُب الله تعالى، وتَحِلُّ مُناكحتُهُ، فصار كالمسلم في ذلك، ولا فَرْقَ في الكِتابيِّ بين أن يكون ذِمِّيًّا يهوديًّا أو نصرانيًّا، حربيًّا، أو عربيًّا، أو تَغْلِبيًّا؛ لإطلاق قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥]، والمراد بطعامهم مُذكَّاهُم؛ قال البخاري رحمه الله تعالى في (صحيحه): قال ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما: «طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ»، ولأنَّ مُطلَق الطَّعام غير المُذكَّى يَحِلُّ من أيِّ كافر كان بالإجماع، فوجب تخصيصه بالمُذكَّى، وهذا إذا لم يُسمَع من الكتابيِّ أنَّه سَمَّى غير الله تعالى؛ كالمسيح والعُزَيْر، وأمَّا لو سُمِعَ فلا تَحِلُّ ذبيحتُهُ؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، وهو كالمُسلم في ذلك.

وهل يُشترط في اليهوديِّ أن يكون إسرائيليًّا، وفي النَّصرانيِّ ألَّا يعتقد أنَّ المسيح إلهٌ؟ مقتضى إطلاق (الهداية) وغيرها عدم الاشتراط، وبه أفتى الجَدُّ في الإسرائيليِّ، وشَرَط في (المُستصفى) لحِلِّ مُناكحتهم عدم اعتقاد النَّصرانيِّ ذلك، وكذلك في (المبسوط)؛ فإنَّه قال: ويجب ألَّا يأكُلُوا ذبائح أهل الكتاب إن اعتقدوا أنَّ المسيح إلهٌ، وأنَّ عُزَيراً إلهٌ، ولا يتزوَّجوا نساءَهُم.

<<  <  ج: ص:  >  >>