للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخَمْر، فكان حلالاً.

وأمَّا كون هذا مقتضى النظر؛ فلأنَّ الخَمْر إنَّما حُرِّمت من أجل الوَصْف الذي اشتملت عليه وهو الإسْكار، فإذا انتفى هذا الوصف انتفى التحريم؛ لأنَّ (الحُكْم يدور مع علَّته وجوداً وعدماً إذا كانت العلَّة مقطوعاً بها بنصٍّ أو إجماع) كما هنا. وقد توهَّم بعضُ الناس أنَّ المخلوط بالخَمْر حَرامٌ مُطْلَقاً ولو قَلَّت نسبة الخَمْر فيه، بحيث لا يظهر له أثرٌ في المخلوط، وظنُّوا أنَّ هذا هو معنى حديث: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ). فقالوا: هذا فيه قليلٌ من الخَمْر الذي يُسْكِر كثيرُه، فيكون حَراماً.

فيُقال: هذا القليل من الخَمْر اسْتُهْلِك في غيره فلم يكن له أثرٌ وَصْفِيٌّ ولا حُكْمِيٌّ، فبقي الحكم لما غَلَبَه في الوصف. وأمَّا حديث: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) فمعناه أنَّه إذا كان الشراب إنْ أَكْثَرَ منه الشَّاربُ سَكِرَ، وإنْ قَلَّل لم يَسْكَر؛ فإنَّ القليل منه يكون حَراماً؛ لأنَّ تناول القليل وإن لم يُسْكِر ذَريعةٌ إلى تناول الكثير، ويوضِّح ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ الفَرَقُ مِنْهُ، فَمِلْءُ الكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ).

الفَرَقُ: مكيالٌ يسع ستَّة عشر رطلاً، ومعنى الحديث أنَّه إذا وُجِدَ شَرابٌ لا يُسْكر منه إلَّا الفَرَقُ، فإنَّ مِلءَ الكفِّ منه حَرامٌ، فهو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ).

[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (١١/ ٢٥٦ - ٢٦٠)]

* * *

اسْتِعْمَالُ المُسْكِرِ وَالمُسَكِّنِ وَالمُنَوِّمِ في الدَّوَاءِ وَالفَرْقُ بَيْنَهُمَا

(١٠٤٤) السؤال: ما الفرق بين المُسْكِر والمُسكِّن والمُنوِّم، وهل يجوز استعمالها في الدَّواء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>