للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفتاوى السعدية (ص ٥٩١ - ٥٩٧)]

* * *

(٩٣٢) السؤال: هل زراعةُ التَّبْغ (الدُّخان) وصناعتُه وتَدْخينُه حَرامٌ؟ وهل تبطلُ الصَّلاة في حَقْلِه أو مَخْزَنِه؟

الجواب:

آراء العُلماء في التَّبْغ (الدُّخان):

إنَّ التَّبْغ لم يعرف في بلاد المسلمين، إلَّا في أوائل القرن الحادي عشر من التاريخ الهجري؛ أي: من نحو أربعة قرون تقريباً. ومن هنا لم يُؤْثَر عن أحدٍ من الأئمَّة المجتهدين -فضلًا عمَّن تقدَّمهم- رأيٌ في حُكْمِه، لا بالحِلِّ ولا بالحُرمة.

وقد تكلَّم في حُكْمِه عُلماء الوقت الذي ظهر فيه، ولم يتَّفقوا في نظرتهم إليه، شأنهم في كلِّ جديد لم يُعْرَف حِكْمَتُه وقت التشريع.

فحَكَم بعضُهم بحِلِّه؛ نظراً إلى أنَّه ليس مُسْكِراً، ولا من شأنه أن يُسْكِر، ونظراً إلى أنَّه ليس ضارًّا لكُلِّ من يتناوله. والأصلُ في مثله أن يكون حلالاً، ولكن تطرأ عليه الحُرْمَة بالنسبة فقط لمن يضرُّه ويتأثَّر به.

رأيُ القائلين بالحُرْمَة أو الكَرَاهَة رأيٌ قويٌّ:

وحَكَم بعضٌ آخر بحُرْمَته أو كراهته؛ نظراً إلى ما عُرِفَ من أنَّه يُحدِثُ ضَعْفاً في صحَّة شاربه، يُفقِدُه شَهْوةَ الطعام ويعرض أجهزته الحيوية أو أكثرها للخلل والاضطراب؛ وخاصَّة جهاز القَلْب والرِّئتين. ومن قواعد الإسلام العامَّة أنَّه يُحَرِّم ما يُحَرِّم؛ حِفْظاً للعقيدة، أو للعَقْل، أو للمال، أو للعِرض. وإنَّه بقَدْر ما يكون للشيء من إضعافِ ناحيةٍ من هذه النواحي، يكون تحريمه أو كراهته، فما عَظُمَ ضررُه عَظُمَت حُرْمَتُه، وما قَلَّ ضررُه قَلَّتْ حُرْمَتُه. والإسلام يرى أنَّ الصحَّة البَدَنيَّة لا تَقِلُّ في وجوب العناية بها عن ناحية العَقْل والمال، و [كثيراً] ما

<<  <  ج: ص:  >  >>