بأنَّه ذكر في (التَّوضيح) عن ابن رُشْدٍ طهارة دُخانِ النَّجِس، ولم يَحْكِ فيه خِلافاً عندنا، وكذا لابنِ عَرَفَةَ؛ فيكون القول بطهارة دُخانِ النَّجِس إمَّا أرجح من القول بنجاسته، وإمَّا مثله. وعلى كُلِّ حالٍ فالعملُ به إمَّا واجبٌ أو جائزٌ، وطهارة ما خُبِزَ به لا شكَّ فيها، حيث لم يكن به رماد نَجِسٍ، فإن كان به رماد النَّجِسِ فإنَّه يجب غَسْلُ الفَمِ منه، لكن قد اختار بعض المُحقِّقين طهارة رماد النَّجِس، واستدلَّ عليه بما هو مذكورٌ في كلامه، بل اعترض على الشيخ خليل في قوله: إنَّه [نجسٌ]، تبعاً لمن قال ذلك. وكان ينبغي له أنْ يمشي على القول بطهارته، وعلى هذا فلا شكَّ في طهارة ما خُبِزَ بالنَّجِس ولو كان فيه رَمادُه، والله أعلم.
الجواب: هذه الأشياء وإن كانت نَجِسةً، لكن الطعام المطبوخ بوقودها طاهرٌ يُؤكَل. كذا في (الدُّرِّ المختار).
فقد تعارف من زمان الصَّحابة إلى هذا الزمان، ولم ينكره واحدٌ من عُلماء الدَّوران، فحُكِمَ بطهارته؛ لعموم البَلْوى، وبهذا احتجَّ مالكٌ وابن أبي لَيْلَى في طهارتهما؛ فإنَّه وَقودُ أهل الحَرَمَيْن، يجمعونها ويطبخون بها القِدْر والخُبز، ولو كانت نجسةً لما استعملوا، ألا ترى أنَّهم لم يستعملوا العَذِرَة. كذا في (الكفاية).
لكنَّه باطلٌ؛ فإنَّ استعمالَ أهل الحَرَمَيْن شيئاً لا يدلُّ على طهارته.
[فتاوى اللكنوي (ص ٩٣ - ٩٤)]
* * *
(١) الخِثْيُ: بكسر الخاء، وسكون الثَّاء: الرَّوث الذي يرمي به البقر أو الفيل من بطنه. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٢١٩).