والأصل أن يُوَكِّل المُسلم مُسلماً مثلَه في ذَبْحِ الضَّحيَّةِ، ولكنَّه إذا وَكَّلَ شخصاً مَسيحيًّا، أو شخصاً من أهل الكتاب في عمليَّة الذَّبْح، جازَ ذلك شرعاً، ولا كراهة في ذلك، ما دام هذا الشخصُ يُحسِن الذَّبْح، ويستطيع القيام به، وقد ذَكَر الإمام النوويُّ في كتابه (المجموع) أنَّ العُلماء قد أجمعوا على أنَّ المُضحِّي يجوز له أن يَستنيب في ذَبْح أُضحيته شخصاً مُسلماً، وأنَّ مذهب الشافعيَّة يرى أنَّه يصحُّ توكيل المُسلم شخصاً آخر غير مُسلمٍ من أهل الكتاب في ذَبْح الضَّحيَّة، وإن كان ذلك خلاف الأَوْلَى.
ومن هذا نفهم أنَّ المُسلم الذي يريد ذَبْح الضَّحيَّة، ولكنَّه لا يُحسن الذَّبْح، ولم يتيسَّر له شخصٌ مُسلم يُوكِّله في الذَّبْح، يجوز له أن يأمر شخصاً مسيحيًّا بأن يَذْبح له أُضحيته، ما دام يُتْقن الذَّبْح، وتكون الأُضحية حلالاً مشروعةً.
(٣٨٠) السؤال: هل يُؤخذ من قولهم: «يُوَكِّلُ مُسلِماً في الذَّبْح والنِّيَّة» أنَّه لا يُوَكِّلُ مُسلِماً في النِّيَّة وآخرُ في الذَّبْح؛ كما قاله بعض شُرَّاح (الإرشاد)، أم لا؟
الجواب: يجوز أن يُوَكِّل في النِّيَّة مسلماً مُميِّزاً، ويُوَكِّل في الذَّبْح غيره، كما لو وَكَّل في الذَّبْح ونوى هو؛ فقولهم المذكور تمثيلٌ لا تقييدٌ؛ إذ لا يظهر فرقٌ بين تفويضهما وتفويض النِّيَّة فقط؛ فإنَّ القاعدة أنَّ:(ما تمكَّن الشَّخص من فِعْله جاز أن يُوَكِّل فيه من يتمكَّن من مباشرته لنَفْسه).