لما احتفَّ له من الملابسات والقرائن؛ فالاحتياط تركه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه». اهـ.
وأمَّا إنْ تبيَّن وجود شيء من الخنزير من الطعام، فلا ريب في وجوب اجتنابه، وإذا أكَلَ المسلمُ طعاماً -حيث يجوز البناءُ على أصل الحِلِّ- وكان في حقيقة الأمر يشتمل على مُحرَّمٍ من خنزير أو غيره، ولم يتبيَّن له ذلك؛ فإنَّه غير مؤاخذٍ، ولا إثم عليه؛ فإنَّ الخطأ مرفوع عن هذ الأُمَّة، قال تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب: ٥]، قال ابن كثير: فإنَّ الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمراً عباده أنْ يقولوا:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، وثبت في (صحيح مسلم) أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(قَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ).
وفي صحيح البُخاريِّ: عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ). وفي الحديث الآخر:(إِنَّ اللهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ). وقال هاهنا:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:٥] أي: وإنَّما الإثم على من تعمَّد الباطل؛ كما قال تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة: ٢٢٥]. اهـ.
[فتاوى الشبكة الإسلاميَّة (رقم ٢٧٩٨٩٥)]
* * *
(٢٤٤) السؤال: هل عليَّ التدقيق في حِلِّيَّة الطعام بأن أبحث عن نوع الزيت المستخدم، أو إذا كانت هناك مادَّة؛ فهل مصدرها نباتيٌّ أو حيوانيٌّ؟ وإذا تنجَّس الفم بطعام حرام أو بالدم،