لا يقدر عليه إلَّا الله، بأنَّه مشركٌ مرتدٌّ عن الإسلام، بل شِرْكُه أشدُّ من شِرْك أهل الجاهليَّة، فالحكم فيه وفي ذبائحه كالحكم فيهم أو أشدُّ، وقد أجمع المسلمون على تحريم ذبائح الكفَّار غير أهل الكتاب، وإن ذكروا عليها اسم الله؛ لأنَّ التَّسمية على الذَّبيحة نوعٌ من العبادة فلا تصحُّ إلَّا مع إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى؛ لقوله سبحانه:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام: ٨٨] والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
(٥٨٤) السؤال: هل يجوزُ أَكْلُ ذبيحة من يدعون الأموات ويستغيثون بهم أم لا؟
الجواب: إذا كان هؤلاء يعرفون الشِّرْك ويُشْركون حقيقةً، وأنَّهم يعرفون أنَّ هذا شِرْك؛ فالمُشْرك كافِرٌ، والكافِرُ ذبيحتُه لا تصحُّ.
أمَّا إذا كان هؤلاء جهلةً ولا يفهمون، ويمكن يستغيثون استغاثةً، وأنَّهم مبتدعة، فحينئذٍ ذبائحهم تعتبر حلالاً؛ لأنَّهم ليسوا بكفَّار ولا مرتدِّين.
وأمَّا الشخص الذي يعرف الشِّرْك ويدعو المقبورين، ويطلب منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكُرُبات، ويسألهم فهذا مَشْرك، والمُشْرك كافرٌ، وذبيحة الكافر لا تجوز، ما عدا الكتابي اليهودي أو النصراني، فإنَّ ذبيحته جائزة؛ لقوله جلَّ جلاله:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ}[المائدة: ٥]، لكن بعض الناس لا يعرف أنَّ هذا شِرْك، ويعتبر أنَّه توسُّل، أو أنَّه عند حضرة الوليِّ، أو شيء من هذه الأمور، ومثل بعض هذه الأشياء غير الواضحة لا يستطيع الإنسان أن يحكم بأنَّ أهلها خرجوا من المِلَّة وارتدُّوا عن الإسلام وأصبحوا