الكفَّار، وإلَّا لما كان لتخصيصهم بالذِّكْر في سياق الحكم بالحِلِّ فائدة، وكذا من انتسب إلى الإسلام وهو يدعو غير الله فيما لا يقدر عليه إلَّا الله، ويستغيث بغير الله، فذبائحهم كذبائح الكفَّار والوثنيِّين والزنادقة، فلا تَحِلُّ ذبائحهم، ولأدلَّة مفهوم الآية على ذلك، كلاهما مخصِّص لعموم قوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١١٨]، وقوله:{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[لأنعام: ١١٩] فلا يصح الاستدلال بهاتين الآيتين وما في معناهما على حِلِّ ذبائح عبَّاد الأوثان ومن في حكمهم ممَّن ارتدَّ عن الإسلام بإصراره على استغاثته بغير الله ودعائه إيَّاه من الأموات ونحوهم بعد البيان له وإقامة الدليل عليه بأنَّ ذلك شِرْك كشِرْك الجاهليَّة الأُولى، كما أنَّه لا يصحُّ الاعتماد في حِلِّ ذبائح من استغاث بغير الله من الأموات ونحوهم واستنجد بغيره فيما هو من اختصاص الله إذا ذكر اسم الله عليها بعدم ذكر ذبائحهم صراحة في آية:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[النحل: ١١٥]، وما في معناها من الآيات التي ذكر الله فيها ما حَرَّم على عباده من الأطعمة، فإنَّ ذبائح هؤلاء وإن لم تُذْكَر صراحةً في نصوص الأطعمة المُحرَّمة فهي داخلةٌ في عموم المَيتَة؛ لارتدادهم عن الإسلام من أجل ارتكابهم ما ينافي أصل إيمانهم، وإصرارهم على ذلك بعد البيان، ومن زعم أنَّ إمام الدعوة الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب رحمه الله كان يأْكُل من ذبائح أهل نَجْدٍ وهم يدعون زيدَ بن الخطَّاب، فزعمه خَرْص وتخمين، ومجرَّد دعوى لا يشهد لها نقلٌ عنه رحمه الله، بل هي مخالفة لما تشهد به كتبه ومؤلَّفاته من الحكم على من يدعو غير الله، من مَلَكٍ مُقرَّب، أو نبيٍّ مُرسَل، أو عبدٍ لله صالح فيما