للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يضلِّون بأهوائهم بغير عِلْم، ويقولون: إنَّ الله فصَّل لنا ما حَرَّم علينا في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، وقوله: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [النحل: ١١٥]، إلى أمثال ذلك من الآيات التي فصَّلت ما حُرِّم من الذَّبائح، ولم يُذْكَر فيها تحريم شيءٍ ممَّا ذُكِرَ اسم الله عليه، ولو كان الذَّابح وثنيًّا أو مجوسيًّا، ويزعمون أنَّ الشيخ محمَّد ابن عبد الوهاب كان يأْكُل من ذبائح الذين يدعون زيدَ بن الخطَّاب إذا ذكروا اسم الله؛ فهل قولهم هذا صحيح؟ وما نجيب عمَّا استدلُّوا به إن كانوا مخطئين؟ وما هو الحقُّ في ذلك مع الدليل؟

الجواب: يختلف حكم الذَّبائح حِلًّا وحُرمةً باختلاف حال الذَّابحين؛ فإن كان الذَّابح مسلماً ولم يُعلَم عنه أنَّه أتى بما ينقض أصل إسلامه وذكر اسم الله على ذبيحته، أو لم يُعلَم أَذَكَر اسم الله عليها أم لا؛ فذبيحته حلال بإجماع المسلمين، ولعموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ١١٨]، وقوله: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ} [الأنعام: ١١٩].

وإن كان الذَّابح كتابيًّا يهوديًّا أو نصرانيًّا وذَكَر اسم الله على ذبيحته فهي حلال بالإجماع؛ لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥]، وإن كان الذَّابح من المشركين عبَّاد الأوثان ومن في حكمهم ممَّن سوى المجوس وأهل الكتاب؛ فقد أجمع المسلمون على تحريم ذبائحهم، سواء ذكروا اسم الله عليها أم لا، ودلَّ قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} بمفهومه على تحريم ذبائح غيرهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>