باب الشَّهوة، وما تُوجِبُه من الدِّياثَةِ، ممَّا هي من شَرِّ الشَّراب المسْكِر، وإنَّما حدثت في النَّاس بحدوث التَّتار.
وعلى تناول القليل منها والكثير حَدُّ الشُّرْب -ثمانون سَوْطاً، أو أربعون- إذا كان مُسلِماً يعتقد تحريم المُسْكِر، ويُغيِّب العَقْل.
وتنازع الفُقهاءُ في نجاستها على ثلاثة أقوالٍ:
أحدُها: أنَّها ليست نَجِسَةً.
والثَّاني: أنَّ مائعها نَجِسٌ، وأنَّ جامِدَها طاهرٌ.
والثَّالث: -وهو الصَّحيح- أنَّها نَجِسَةٌ كالخَمْر؛ فهذه تُشبِه العَذْرة، وذلك يُشبِه البَوْل، وكلاهما من الخبائث التي حرَّمها الله ورسوله، ومن ظهر منه أَكْل الحشيشة فهو بمنزلة من ظهر منه شُرْب الخَمْر، وشرٌّ منه من بعض الوجوه، ويُهجَر، ويُعاقَب على ذلك كما يُعاقَب هذا؛ للوعيد الوارد في الخَمْر؛ مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللهُ الخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَحَامِلَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا)، ومثل قوله: (مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيهِ، فَإِنْ عَادَ وَشَرِبَهَا لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ وَشَرِبَهَا لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَهَا فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ؛ وَهِي عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)، وقد ثبت عنه في الصَّحيح -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، (وَسُئِلَ عَنْ هَذِهِ الأَشْرِبَةِ، وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الكَلِمِ؛ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ).
[مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٤/ ٢١٠ - ٢١٢)]
* * *
(٩١٤) السؤال: ما يَجِبُ على آكِلِ الحَشيشة، ومَنِ ادَّعَى أنَّ أَكْلَها جائزٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute