ثمَّ لو كانت الخَمْر نَجِسَةً نجاسةً حِسِّيَّةً فإنَّ الدُّخَّان (التّتِن)(١) ليس بنَجِسٍ نجاسةً حِسِّيَّةً من باب أَوْلَى.
أمَّا تحريم التدخين؛ فإنَّ من قرأ ما كتبه العُلماء وقرَّره الأطبَّاء عنه لم يَشُكَّ في أنَّه حَرامٌ، وهو الذي نراه ونُفْتي به.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (١١/ ٢٤٨ - ٢٤٩)]
* * *
حَقِيقَةُ نَجَاسَةِ الكَافِرِ وَالمُشْرِكِ
(٨٣٨) السؤال: ما هي حقيقةُ نَجاسَةِ المُشْرِك والكافِر؟ وهل معنى هذا أنَّه إذا مسَّ أحدُ المسلمين أحدَ المشركين أو الكُفَّار وهو على طهارةٍ أنَّ طهارَتَه قد انْتَقَضَت؟ أم أنَّ النجاسَةَ مَعْنويَّة وليست حِسِّيَّة؟
الجواب: نجاسة المشركين، بل نجاسة جميع الكُفَّار نجاسةٌ معنويَّةٌ وليست نجاسةً حِسِّيَّةً؛ لقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ).
ومعلومٌ أنَّ المؤمن يَنْجُسُ نجاسةً حِسِّيَّةً إذا أصابته النجاسة؛ فقولُه:(لا يَنْجُسُ) عُلِمَ أنَّ المرادَ نَفْيُ النجاسة المعنويَّة، وقال الله عزَّ وجلَّ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨]. فأخبر الله تعالى أنَّهم (نَجَسٌ). وإذا قرَّرنا هذا بما ثبت في حديث أبي هريرة من أنَّ (المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ)، عَلِمنا أنَّ المراد بنجاسة المشرك، وكذلك غيره من الكُفَّار نجاسة معنويَّة وليست حِسِّيَّة؛ ولهذا أباح الله لنا طعام الذين أوتوا الكتاب، مع أنَّهم يُباشرونه بأيديهم، وأباح لنا المُحْصَنات من الذين أوتوا الكتاب للزواج بهنَّ، مع أنَّ الإنسان سيباشرهنَّ، ولم يأْمُرْنا بغَسْل ما أصابته أيديهم.
وأمَّا قولُ السائل: إنَّه إذا مَسَّ
(١) التتن: اسم من أسماء الدخان. انظر: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (١/ ٤٢٦).