أم لا؟ وقد نقل بعضُ النَّاس عن أحمد ابن حَنْبَل أنَّ الخُضَرَ التي تُسقَى بماءٍ نَجِسٍ نَجِسَةُ العَيْنِ، وقيل: إنَّها روايةٌ عن مالكٍ، أو عن بعضِ أصحابِه؛ فهل يَصِحُّ هذا النَّقْل عنهم؟
الجواب: المحْكِيُّ عنه القولُ بنجاسة ذلك هو أحمد بن حنبل، نقله عنه جماعة؛ منهم: النَّوويُّ في (شرح المُهذَّب)، وهو كقوله في لحم الجلَّالة: إنَّه حَرامٌ نَجِسٌ إذا كان مُتغيِّراً بالنَّجاسة، والمأْخَذُ فيهما واحد.
ومذهب الشَّافعيِّ ومالكٍ أنَّ لحم الجلَّالة مكروهٌ كراهَة تنزيهٍ، ولأصحابنا وجهٌ آخر أنَّه كراهَة تحريمٍ، قاله أبو إسحاقٍ المَرْوَزِيُّ، والقَفَّالُ، وصحَّحه إمام الحَرَمَيْن، والغَزَاليُّ، والبَغَويُّ، ومع ذلك فلم يَطْرُدوه في الزُّروع والثِّمار المَسْقيَّة بالمياه النَّجِسَة، بل صَرَّح الشيخ محيي الدِّين في غير موضع بأنَّ ذلك لا يَحرُم، ولم يَحْك فيه خلافاً، ولا قال: إنَّه مكروهٌ.
نعم؛ ما أصاب البَقْلَ من ذلك الماء فهو مُتنجِّس به نجاسةً يَطْهُر بالغَسْل، وقَبْل غَسْلِه يَصحُّ بَيْعُه إذا لم يكن مُسْتتِراً بالنَّجاسة؛ كالثَّوبِ المتنَجِّس، والله أعلم.
وصَرَّح ابن الرِّفْعَة عن كافَّة الأصحاب بأنَّ ذلك لا يَحرُم أَكْلُه ولا يُكرَه أيضاً؛ لأنَّه لا يظهر أثَر النَّجاسة ورائحتها فيه، ومقتضى هذا التعليل أنَّه متى ظَهَرَ رائحةٌ للنَّجاسة في تلك البُقول تكون مكروهةً. والله أعلم.
[فتاوى العلائي (ص ١١٧ - ١٢٠)]
* * *
(٧٧٠) السؤال: هل يجوزُ لأرْباب الزَّرْع، والبَساتين أن يستعملوا العَذِرَة في أصول الأشجار والزَّرْع؟
الجواب: قال محمَّد: إن غَلَبَ عليها التُّراب جاز، وعن أبي حنيفةَ روايتان.
ورُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ أنَّه كان يكره ذلك، وكان ابن عمر إذا دَفَعَ أرضَه