للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَمَليٌّ مَعْنَويٌّ.

الثاني: أنَّ السُنَّة تدلُّ على طهارة الخَمْر طهارةً حِسِّيَّةً، ففي (صحيح مسلم، ص ١٢٠٦، ط. الحلبي، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي): عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما (أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ قَالَ لَا. فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: بِمَ سَارَرْتَهُ؟ قَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا. قَالَ: فَفَتَحَ المَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا). وفي (صحيح البخاري، ص ١١٢ ج ٥ من الفتح ط. السلفيَّة): عن أنس بن مالك رضي الله عنه (أَنَّهُ كَانَ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ -وهو زَوْجُ أُمِّهِ- فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الخَمْر قَدْ حُرِّمَتْ. قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ). ولو كانت الخَمْر نَجِسَةً نجاسة حِسِّيَّة لأمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صاحب الرَّاوية أن يغسل راويته، كما كانت الحال حين حُرِّمت الحُمُر عام خبير، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا -يعني القُدور-، فَقَالُوا: أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ). ثمَّ لو كانت الخَمْر نَجِسَةً نجاسةً حِسِّيَّة ما أراقها المسلمون في أسواق المدينة؛ لأنَّه لا يجوز إلقاء النَّجاسة في طُرُق المسلمين.

قال الشيخ محمَّد رشيد رضا في فتاواه (ص ١٦٣١ من مجموعة فتاوى المنار): وخلاصة القول: أنَّ الكُحول مادَّة طاهرةٌ مُطَهِّرةٌ ورُكنٌ من أركان الصَّيدلة، والعلاج الطبِّي، والصناعات الكثيرة، وتدخل فيما لا يُحصَى من الأدْوية، وأنَّ تحريم استعمالها على المسلمين يَحُولُ دون إتقانهم لعلوم وفنون وأعمال كثيرة، هي من أعظم أسباب تَفَوُّق الإفرنج عليهم؛ كالكيمياء والصَّيدلة والطبِّ والعلاج

<<  <  ج: ص:  >  >>