{فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} معناه عند من أوجب الجزاء على من قتل الصَّيد متعمِّداً: ضَرْبٌ وَجيعٌ. وعند من لم ير الجزاء إلَّا على المخطئ، أو الناسي لإحرامه المتعمِّد للصَّيد: عذابٌ أليمٌ في الآخرة. وقيل: الاعتداء المعاودة، ومن عاد فقتل الصَّيد ثانيةً، لم يكن عليه جزاءٌ، واستوجب النقمة بقوله عزَّ وجلَّ:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}[المائدة: ٩٥] وهو العذاب في هذه الآية، ذهب إلى هذا جماعةٌ من العُلماء.
وأمَّا صيد أهل الكتاب فهو على مذهب مالك -رحمه الله- حَرامٌ لا يُؤكَلُ منه إلَّا ما أدركوا ذكاته، فذَكَّوه بما يُذَكَّى به الإنسي.
ودليله على ذلك: توجُّه الخِطاب في إباحة الصِّيد إلى المسلمين دون الكُفَّار، في جميع آي القرآن.
وذهب جماعة من أهل العِلْم إلى إباحة الصِّيد؛ لقول الله عزَّ وجلَّ:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥]، وهو قول أَشْهَب وابن وَهْب وعلي بن زياد من أصحاب مالك، وإيَّاه اختار سُحْنون.
وكَرِهَه جماعةٌ من أهل العِلْم؛ منهم: ابن حَبيب. والكراهة من ذلك على مذهب من أجازه، بيِّنةٌ؛ لوجهين:
والثاني: أنَّ الصَّيد له حدودٌ تَلْزَم معرفتُها، فإذا كان صيدُ الجاهل بها الذي لا يَرِعُ عن توقِّي ما يلزمه أنْ يتوقَّاه في صيده مكروهاً؛ فالذمِّيُّ أحرى أنْ يُكرَهَ صَيدُه.
ومن يُجيزُ صيدَ أهل الكتاب لا يَشترِط في جواز ذلك التَّسْمية؛ إذ لا تصحُّ التَّسْمية منهم.
وقول الله عزَّ وجلَّ:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١]؛ قيل: المراد بذلك التَّذْكية لا التَّسْمية،