للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصواب إن شاء الله، ومن أجازه من العُلماء دون كراهته؟ وما الوجه الذي أجازوه من أجله؟ ومن كَرِهَه منهم؟ وما الوجه الذي كرهوه من أجله، ولم يُلْحِقوه بالحلال ولا بالحرام المَحْض؟ وهل قال أحدٌ من العُلماء: إنَّه حَرامٌ كالمَيْتَة، كما قال هذا الرَّجُل، أم لا؟ فإنِّي ما رأيت هذا الوجه قطُّ.

وهل يجوزُ صيد أهل الكتاب، إذا عُلِمَ أنَّهم لم يذكروا اسمَ الله عليه، عند من يقول بتحليل صيد أهل الكتاب مع قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١]، كما يجوز أَكْلُ طعامهم، وهم يَتَّجِرون بالرِّبا، مع قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] أم لا؟

وكذلك ما ذَكُّوه وذَبَحُوه من غير الصَّيد، وما الحُجَّة عند من أجازه، وعند من لم يُجِزْه منهم؟ مأجوراً مشكوراً، إن شاء الله تعالى.

الجواب: تصفَّحتُ السؤال ووقفتُ عليه، والصحيح في الآية أنَّ المراد بها المُحْرمون؛ لأنَّها نزلت فيهم، كذلك قال جماعة من العُلماء من أهل التفسير وغيرهم، وممَّن نصَّ على ذلك ابنُ حبيب في (الواضحة)، وروي عن ابن عبَّاس أنَّه قال: نزلت هذه الآية بالحُدَيبية؛ ابتلاهم الله بالوحش، فكانت تغشى رِحَالَهم كَثْرةً. ومعنى الابتلاء: الاختبار، فأراد الله أن يختبرهم ليعلم من يخافه بالغيب منهم في ترك الصيد المُحرَّم عليهم، مع تمكُّنه لهم. ومعنى {لِيَعْلَمَ}: أي ليعلم وقوع الطاعة والمعصية منهم؛ فيجازي الطائع بطاعته، ويعاقب العاصي على معصيته، أو يتجاوز له عنها، إذ قد تقدَّم عِلْمُه في الأزل بمن يُطيعه ممَّن يَعْصيه، لا إله إلَّا هو.

ومعنى قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: من تجاوز فقتل الصيد، بعد عِلْمِه بالنَّهي. وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>