للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يَحْرُمُ أَكْلُهُما عندما تموتُ مباشرةً بسبب ذلك، أو يَحْرُمُ أَكْلُهُما ولو بَقِيَتَا مُدَّةً طويلةً، ثُمَّ ذَبَحْتُهُما بعد ذلك؟

الجواب: يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً عباده المؤمنين الذين ناداهم في مطلع هذه السورة العظيمة بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، يقول تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أي: حَرَّم الله سبحانه وتعالى عليكم أكْلَ الميتةِ، والميتةُ: هي التي ماتت بغير ذكاةٍ شرعيَّةٍ، وقد خَصَّ منها الدَّليل: ميتةَ السَّمكِ والجَرَادِ؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أُحِلَّتْ لَنا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ)، فالسَّمكُ والجَرَادُ أَحَلَّ الله مَيْتَتَهُما، وما عدا ذلك فإنَّه حرامٌ، وقوله تعالى: {وَالدَّمُ} هنا مُطَلقٌ، ولكنْ قيَّدتْهُ الآيةُ الثانيةُ في المسفوح؛ كما قال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥]، والمراد به: الذي يخرجُ من الذبيحة وقتَ ذَبْحِها ويَشْخُب من أَوْداجِها. أمَّا الدَّمُ المتبقِّي في العُروق واللَّحم فهذا مَعْفُوٌّ عنه، لا بأس بأَكْلِه مع اللَّحم، واستُثْنِيَ مِنَ الدَّم: الدَّمَان اللَّذان مَرَّ ذِكْرُهما في الحديث: (أُحِلَّتْ لَنا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ ... وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ)، وقوله تعالى: {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} هو الحيوان المعروف بالقَذارة والدناءة، حرَّم الله أكْلَه؛ لما فيه من الأضرار البالغة، وما يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرَّر ذلك أهلُ الطِّبِّ؛ فإنَّ الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة اكتُشِفَتْ ولا تزال تُكْتَشَفُ، والله جلَّ وعَلا لا يُحَرِّم على عبادِه إلَّا ما فيه مَضرَّةٌ عليهم.

وقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} المراد به: ما ذُبِحَ للأصنام تقرُّباً إليها، وما ذُبِحَ لسائر المعبودات، وكذلك ما ذُبِحَ وسُمِّي عليه غير اسم الله عزَّ وجلَّ؛ كما لو ذُبِحَ اللَّحمُ وذُكِرَ عليه اسمُ المَسيح أو ذُكِرَ عليه اسمُ غيره، {وَمَا أُهِلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>