للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواب: إنَّ بَوْل الآدميِّ من النجاسات المُجْمَع عليها، وقد أُمِرنا باجتناب الأَرْجاس والأَنْجاس بنَصِّ القرآن الكريم، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠]، ولذلك اتَّفق الفقهاء على عدم جواز التَّداوي بالمُحرَّم والنَّجِس من حيث الجملة لحديث: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)، كما أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود موقوفاً، ومثله لا يقال بالرَّأي. وذلك لأنَّ الشِّفاء هو بيد الله تعالى؛ فهو الشَّافي سبحانه، كما قال جلَّ شأنه فيما يقُصُّه عن سيِّدنا إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠]، ولا يُلْتَمَس ما عند الله تعالى بما حَرَّم على عباده؛ فقد أخرج أبو داود من حديث أبي الدَّرْداء رضي الله عنه، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّواء، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا عِبَادَ الله، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ)؛ وذلك لأنَّ النَّجِسَ لا دواءَ فيه، بل إنَّ الله تعالى سَلَب ما فيه من المنافع، ولو كان فيه منفعةٌ لابن آدم راجحة لما حَرَّمه الله تعالى على عِبادِه؛ لأنَّ الله تعالى أحَلَّ لعباده الطيِّبات، وحَرَّم عليهم الخبائث. ومن أخبث الخبائث البَوْل والغائط. فإنْ تَعَيَّن النَّجِسُ للنَّفْع؛ كشُرْب الخَمْر للغصَّة، جاز للضرورة؛ لأنَّ (الضَّرورات تُبيحُ المَحْظورات)، كما قال سبحانه: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]، وكذا لو قرَّر الطبيب العَدْل تَعُيُّنه لنوع مرضٍ -كما حَدَث للعُرنيِّين-؛ فيجوز عندئذٍ للضرورة كما ذكرنا.

وعلى المسلم أن يتَّبعَ الشرع الشريف وعُلماءَه، لا أن يتَّبع الكَفَرَة الذين لا يُفَرِّقون بين الحلال والحرام، ولا بين الطيِّب والخبيث؛ لتبَلُّد أحاسيسهم ومشاعرهم، ودناءة نفوسهم، ولا يَحْجزهم وازعُ شَرْعٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>