للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} التوبة ١٢٥.

وكلمة: (فاجتنبوه) طلبٌ وأمرٌ بالابتعاد عنه، والابتعادُ عن الشيء يتضمَّن عدم ملامسته أو استعماله، فهذه الكلمة تدلُّ على التَّشديد في تحريم الخَمْر والمَيْسِر.

ولقد مهَّد القرآن الكريم لتحريم الخَمْر تحريماً قاطعاً بالإشارة إلى ما فيها من شرورٍ كثيرة بجانب قليلٍ من النفع المادِّيِّ الذي لا قيمه له، ومن هذا التمهيد: أنَّ القرآن نَهَى في أوَّل الأمر عن السُّكْر في حالة الصَّلاة، أو عن الدخول فيها وهناك أثرٌ للسُّكْر في الإنسان، وأوقات الصَّلاة متقاربة، فلا يسهل على الإنسان أنْ يشرب الخَمْر ويتخلَّص مِنْ سُكْرها قبل دخول وقتٍ جديدٍ للصلاة في أغلب الأحيان.

ويُرْوَى في السُّنَّة النَّبويَّة المطهَّرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ المدينة مهاجراً وهم يشربون الخَمْر ويأكلون مال المَيْسِر، فسألوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنهما، فأنزل الله تعالى قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} البقرة: ٢١٩.

فقال بعض الناس: ما حُرَّم علينا، وإنَّما قال: (إثمٌ كبيرٌ). وكانوا يشربون الخَمْر حتَّى كان يوم من الأيَّام صلَّى فيه رجلٌ من المهاجرين إماماً لأصحابه في صلاة المغرب، فخَلَط في قراءة القرآن، فأنزل الله تعالى قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} سورة النساء، الآية ٤٣.

وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الخَمْرِ بَيَاناً شَافِياً؛ فَإِنَّها تُذْهِبُ بِالمَالِ وَالعَقْلِ).

ثمَّ نزلت آية التحريم القاطع للخَمْر والمَيْسِر، وذلك في قوله تعالى في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>