كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، فكلُّ شيءٍ يُسْكِرُ مأكولاً أو مشروباً أو من طريق الحبوب أو من طريق التدخين كلُّه مُحرَّم، كلُّ ما أسْكَرَ أو أضَرَّ بالعباد فإنَّه مُحرَّم بنصِّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجميع أنواع المُسْكِرات المأكولة والمشروبة كلُّها مُحرَّمة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مُسْكِرِ حَرَامٌ)، وقال:(كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)، وقال:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ)، (مَا أَسْكَرَكَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، هذا يعمُّ كلَّ شيءٍ؛ فالحبوب الضارَّة أو المُخَدِّرة أو الشراب أو المأكول؛ كالحشيشة، كلُّ شيءٍ يحصل به هذا المعنى من الإسْكَار ومَضَرَّة على مُتعاطِيه فإنَّه مُحرَّم، حتَّى ولو لم يُسْكِر إذا كان يضرُّ صاحبه ويُسبِّب [له] أضراراً بيِّنةً، فإنَّه محرَّم؛ كالتدخين وغيره ممَّا يتعاطاه الناس ممَّا يَضرُّ ولكنَّه لا يُسْكِرُ، فإنْ أسْكَرَ فهو مُحرَّم لإسْكَارِه، وإنْ أضَرَّ فهو مُحرَّم؛ لإضراره وإفساده الأبدان وإذهابه للعقول، فما أسْكَرَ وأضَرَّ بالعقول فهو مُحرَّم منكر؛ من حُبوبٍ أو شراب أو مأكول أو غير ذلك، وهكذا ما عُرِفَ أنَّه مُضِرٌّ بشهادة الأطبَّاء العارفين به، أو بالتجارب معروفٌ أنَّه يَضُرُّ فهو مُحرَّم ومُنكرٌ لقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)، ولقوله سبحانه:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥]، فالله حَرَّم علينا ما يَضُرُّنا ويَضُرُّ عقولنا وأبداننا، وحَرَّم علينا كُلَّ شيءٍ مُسْكِرٍ؛ لأنَّه يُغَطِّي العقول ويَضُرُّها ويُفْضِي بها إلى أنواع الفساد، فقد يقتل المَخْمورُ، وقد يَزْني، وقد يَسْرِق؛ إلى غير هذا من الفساد العظيم المترتب على الخَمْر، وقد قال الله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٩٠]، هذه الكلمة {فَاجْتَنِبُوهُ} تدلُّ على شدة التحريم، أي: ابتعدوا عنه غاية الابتعاد، مثلما قال الله سبحانه:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: