للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سمعت أنَّ هناك نوعاً من الشَّراب يُسمَّى أيضاً «البِيرَة»، ولكنَّه خالٍ من الكحول؛ أي خالٍ من العنصر المُسْكِر، وهذا النَّوع يُباع في المملكة العربيَّة السُّعوديَّة، وقد كتبوا عليه ما يُفيدُ أنَّه لا يحوي شيئاً من الكُحول؛ فهذا النَّوع يُباح شُرْبُه ما دام لا [يوجد] فيه إسْكارٌ، وليتَ هذا النَّوعَ يُعمَّمُ في البلاد الأخرى؛ حتَّى يستفيد الناسُ بما فيه من منفعةٍ، وحتَّى يقطع الطريق على «البِيرَة» التي تحوي مادَّة الكُحول.

وقد يقولُ قائلٌ: إنَّ النصوص المُحَرِّمَةَ للخَمْرِ لم تذكر شيئاً اسمه «البِيرَة».

وهذا نوعٌ من التَّضليل وبَلْبَلَةِ العُقول؛ لأنَّه ورد في السُّنَّة النَّبويَّة المُطهَّرة أنَّه يأتي على النَّاس زمانٌ يُسمُّون فيه الخَمْرَ بغير أسمائها، وكُلُّ نوعٍ من الموادِّ المُسْكِرَة مهما كان لَوْنُه أو شكلُه أو اسمُه فهو حَرامٌ؛ لأنَّ القاعدة الشرعيَّة هي: (كلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكلُّ خَمْرٍ حَرامٌ).

وأحبُّ أنْ ألفت النَّظر هنا إلى أمرٍ له أهمِّيَّته؛ وهو أنَّ الفقيه الدِّينيَّ قد يسألُه الناسُ عن نوعٍ من الأشربة، وهو لا يدري عناصره، ولا يعرفُ طريقة تكوينه؛ ففي هذه الحالة لا يكون أساسُ الفتوى إلَّا على تقرير أهل الخِبرة والاختصاص في هذه الموادِّ؛ فإذا أثبتَ الطَّبيب المسلم الحاذِق أنَّ هذا النَّوعَ من الشَّراب يتضمَّن مادَّة مُسْكِرَةً صار تناولُه حَرَاماً، ولذلك يَحتاطُ الفقيه عند الإفتاء؛ فيقول مثلاً: إنْ كان هذا الشَّرابُ فيه مادَّة مُسْكِرَة يكون حَراماً، ولا عِبْرَةَ بقِلَّة المشروب منه أو كثرته؛ فإنَّ القاعدة الدِّينيَّة تقول: (مَا أَسكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ). والله تبارك وتعالى أعلم.

[يسألونك في الدين والحياة (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠)]

<<  <  ج: ص:  >  >>