للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥]. والمراد هنا بالطعام الذبائح واللحوم، كما رُوي ذلك عن عبد الله بن عبَّاس وغيره. وقال ابنُ زيدٍ: «أَحَلَّ اللهُ طَعَامَهُمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئاً». وقال أبو الدَّرداء: «إِنَّمَا هُمْ أَهْلُ الكِتَابِ، طَعَامُهُمْ حِلٌّ لَنَا، وَطَعَامُنَا حِلٌّ لَهُمْ». ولقد أَكَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شاةٍ قدَّمتها إليه امرأةٌ يهوديَّةٌ. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يأْكُلون من طعام النَّصارى في الشام بلا نكير عليهم.

وقد قرَّر الفقهاء أنَّ ذبيحة الكتابيِّ تحِلُّ للمسلم إذا كان المسلم لم يحضر حين ذَبْحِها، أو لم يعلم عن طريقة الذَّبْح شيئاً، وسواء أَذَكَرَ الذَّابحُ اسمَ الله على الذَّبيحة أو لم يَذْكُرْه؛ لأنَّ الله تعالى أباح لنا ذبيحة الكتابيِّ، وقد عَلِمَ الله أنَّنا لا نَطَّلِعُ على ذَبْح كُلِّ ذابح، ولكن لا تَحِلُّ للمسلم ذبيحة الوثنيِّ الذي يعبدُ الصَّنم، ولا ذبيحة المجوسيِّ الذي يعبدُ النَّار، ولا ذبيحة من لا يدين بدينٍ. كما يَحرُم أَكْل الذَّبيحة التي يَعْلَم المسلم أنَّ ذابحها قد ذَكَر عليها اسمَ معبودٍ غير الله، سواء أكان هذا الاسمُ اسمَ إنسانٍ أو حيوانٍ أو جمادٍ أو كواكب، وهذا النوع المُحرَّم من الذَّبائح هو الذي أشار إليه القرآن الكريم بقوله في سورة المائدة: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣].

وكذلك تَحرُم الذَّبيحة التي يرى المسلمُ أنَّ غيرَ المسلم يذبحُها بطريقةٍ غير شرعيَّة، أو يذْكُر عليها اسماً غير اسمِ الله عزَّ وجلَّ.

والذَّبْح: هو قَطْعُ العُروق المعروفة في رقبة الحيوان، بين مبدأ الحَلْقِ ومبدأ الصَّدْر، ويكون القَطْع بآلةٍ حادَّةٍ قاطعةٍ، وهذه العُروق التي تُقْطَع هي: الوَدَجان -وهما عِرْقان كبيران في جانبي العُنُق من الأمام-، والحُلْقوم -وهو مجرى النَّفَس-، والمَريء -وهو مجرى الطعام والشراب-، ولو قَطَع ثلاثةً من هذه الأربعة لكفى. وفي بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>