ومفهوم الآية: أنَّ طعام غير أهل الكتاب من الكفَّار حرامٌ علينا، وبذلك قال أهل العِلْم قاطبة، إلَّا ما عرفت من الخلاف الشاذِّ الضعيف في ذبيحة المجوس.
إذا عُلِم هذا، فاللُّحوم التي تُباع في أسواق الدُّول غير الإسلاميَّة إن عُلِم أنَّها من ذبائح أهل الكتاب، فهي حِلٌّ للمسلمين، إذا لم يُعْلَم أنَّها ذُبِحَت على غير الوجه الشرعيِّ؛ إذ الأصل حِلُّها بالنصِّ القرآنيِّ، فلا يُعْدَل عن ذلك إلَّا بأمرٍ مُتَحقِّق يقتضي تحريمها.
أمَّا إن كانت اللُّحوم من ذبائح بقيَّة الكفَّار، فهي حرامٌ على المسلمين، ولا يجوز لهم أَكْلُها بالنصِّ والإجماع، ولا تكفي التَّسمية عليها عند غَسْلها ولا عند أَكْلِها.
أمَّا ما قد يتعلَّق به مَنْ قال ذلك؛ فهو واردٌ في شأن أناس من المسلمين كانوا حديثي عهد بالكُفْر، فسأل بعض الصحابة رضي الله عنهم النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقالوا:(يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْكُفْرِ يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا) رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وبذلك يصحُّ، أنَّه لا شُبْهَة لمن استباح اللُّحوم التي تُجلَب في الأسواق من ذَبْح الكفَّار غير أهل الكتاب بالتَّسمية عليها؛ لأنَّ حديث عائشة المذكور واردٌ في المسلمين لا في الكفَّار؛ فزالت الشُّبْهة؛ لأنَّ أمر المسلم يُحمَل على السَّداد والاستقامة، ما لم يُعْلَم منه خلاف ذلك، ولعلَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر هؤلاء الذين سألوه بالتَّسمية عند الأَكْل من باب الحَيْطة، وقصد إبطال وساوس الشيطان، لا لأنَّ ذلك يُبيحُ ما كان مُحرَّماً من ذبائحهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأمَّا كون المسلم في تلك الدُّول غير الإسلاميَّة، يشقُّ عليه تحصيل اللَّحم