للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على سيِّدنا رسول الله.

الذَّبيحة التي يَحِلُّ أَكْلُها في الشريعة الإسلاميَّة هي الذَّبيحة المذكَّاة؛ لقول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، والتَّذْكية الشرعيَّة هي قَطْع الحُلْقوم والمَريء، ولو مات الحيوان أو لم تبق له حياةٌ مُستقرَّةٌ قبل قَطْعِهما فهو مَيْتةٌ لا يَحِلُّ أَكْلُه؛ كما جاء في [المجموع]: «يُشترَط لحصول الذَّكاة قَطْع الحُلْقوم والمَريء، هذا هو المذهب الصحيح المنصوص ... قال أصحابنا: ولو ترك من الحُلْقوم والمَريء شيئاً ومات الحيوان فهو مَيْتةٌ، وكذا لو انتهى إلى حركة المذبوح فَقَطَع بعد ذلك المتروك فهو مَيْتةٌ» (المجموع للنووي ٩/ ٨٦).

ولا يجوز تعذيب الحيوان أو إيذاؤه بأيِّ طريقةٍ مهما كانت، سواء عند الذَّبْح أو قَبْلَه أو بعده قبل خروج النَّفْس منه؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْح، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رواه مسلم.

وقد نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عمَّا يفعله بعض الجزَّارين من إيلامٍ للحيوان أو تعذيب له، بجَرِّه من أُذُنه، أو ذَبْحه بسكِّين غير حادَّة، أو التعجُّل بتقطيع الذَّبيحة قبل خروج نَفْسِها، فعن أبي سعيد الخُدريِّ رضي الله عنه قال: مرَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- برَجُلٍ، وهو يَجرُّ شاةً بأُذُنِها، فقال: (دَعْ أُذُنَهَا، وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا) رواه ابن ماجه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (أَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِحَدِّ الشِّفَارِ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ البَهَائِمِ، وَقَالَ: إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ) رواه ابن ماجه.

وجاء في (سنن الدارقطني): (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ أَحَدَ الصَّحَابَةِ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقٍ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: أَلَا إِنَّ الذَّكاة فِي الحَلْقِ وَاللَّبَّة، أَلا وَلا تَعْجَلُوا الأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ) سنن الدارقطني.

وهذه الأحاديث فيها نهيٌ مخصوصٌ عن صور معيَّنة من صور الإيذاء، لكنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>