(د) وروى أحمد مرسلًا عن عَدِيٍّ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْبُنْدُقَةِ إِلَّا مَا ذَكَّيْتَ) والبُنْدُقة تُتَّخذُ من طِينٍ وتَيْبَسُ.
نستنتج من هذه الأحاديث ما يأتي:
١ - إذا أُدْرِك المَصيدُ حيًّا حياةً مستقرَّةً وذُبِحَ فهو حلال بالاتِّفاق. [واشتراط] التَّسْمية أو عدم اشتراطها عند الذَّبْح فيه خلاف بين الفقهاء، وهو يكون في الصَّيد المذبوح وفي غير الصَّيد.
٢ - إذا مات الصَّيد قبل أن يُذْبَح، وكان موتُه بشيءٍ مُحدَّدٍ؛ كالسَّهْم الذي يجرح أو يخترق، فهو حلالٌ، واشترط بعضُهم التَّسْمية -ولم يشترطها بعضُهم- عند إطلاق السَّهْم.
٣ - إذا مات الصَّيد قبل أن يُذْبَح وكان موتُه بشيء [غير] مُحدَّدٍ؛ أي لم يجرح ولم يُنْفِذ؛ كالحَجَر والبُنْدُقَة، فإنَّ الجمهور يقول بحُرْمَته، وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام أنَّه يَحِلُّ مُطْلقاً كُلُّ صَيدٍ، سواء أكان بمُحدَّد أم بغير مُحدَّد، ولكن النصوص تشهد لقول الجمهور.
والرَّصاص الذي يُطلَق من البَنَادِق والمُسَدَّسات هل يُعدُّ كالسَّهْم فيَحِلُّ صيدُه؟ رأى جماعةٌ أنَّه كالسَّهْم؛ لأنَّه يخترق جِسْم الصَّيْد وينفذُ منه، بل هو أشدُّ منه. وعلى هذا؛ فيَحِلُّ الصَّيد به. ورأى آخرون أنَّ الرَّصاص ليس مُحدَّداً جارِحاً كالسكِّين والسَّهْم، بل يقتلُ الصَّيدَ بثقله الشديد، وعلى هذا؛ فلا يَحِلُّ أَكْلُه.
وأختار أنَّ الصَّيد بالرَّصاص يَحِلُّ أَكْلُ ما صِيدَ به، والأحوطُ أن يذكر اسمَ الله عند إطلاق الرَّصاص، خروجاً من خلاف من أَوْجَبَه.
[موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصرية وفتاوى لجنة الفتوى بالأزهر (رقم ١١)]