للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرِّواية الثَّانية: يُكرَه ذلك، بل يُستَعمَل الحَجَر، أو يُجمَع بينهما.

والمشهور أنَّ الاقتصار على الماء أفضل، وإن كان فيه مُباشرتُها.

وفي استعمال جُلود المَيْتَة إذا لم يَقُل بطهارتها في اليابسات روايتان؛ أصحُّهما جواز ذلك. وإن قيل إنَّه يُكرَه؛ فالكراهة تزول بالحاجة.

وأمَّا قوله: هذا يُفضِي إلى التَّلوُّث بدُخَّان النَّجاسة. فهذا مبنيٌّ على الأصل الثَّاني؛ وهو أنَّ النَّجاسة في المَلَّاحة إذا صارت مِلْحاً ونحو ذلك؛ فهل هي نَجِسَةٌ أم لا؟ على قولَيْن مشهورين للعُلماء، هما روايتان عن أحمد، نصَّ عليهما في الخنزير المشْويِّ في التَّنُّور؛ هل تُطهِّر النَّار ما لَصَقَ به، أم يَحتاج إلى غَسْل ما أصابه منه؟ على روايتين منصوصتين:

أحدُهما: هي نَجِسةٌ، وهذا مذهب الشَّافعيِّ، وأكثر أصحاب أحمد، وأحد قَوْلَي أصحاب مالك.

وهؤلاء يقولون: لا يَطْهُرُ من النَّجاسة بالاستحالَة إلَّا الخَمْرَة المُنْتَقِلَة بنَفْسِها، والجِلْدُ المدبوغ إذا قيل إنَّ الدَّبْغ إحالةٌ لا إزالةٌ.

والقول الثَّاني: وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد قَوْلَي المالكيِّة وغيرهم: أنَّها لا تَبْقَى نَجِسَةً.

وهذا هو الصَّواب؛ فإنَّ هذه الأعيان لم يتناولها نصُّ التَّحريم؛ لا لفظاً ولا معنًى، وليست في معنى النُّصوص، بل هي أعيانٌ طَيِّبةٌ؛ فيتناولُها نصُّ التَّحليل، وهي أَوْلَى بذلك من الخَمْر المُنْقَلِبَة بنَفْسِها. وما ذكروه من الفَرْق بأنَّ الخَمْر نَجُسَت بالاستحالة، فتطهُرُ بالاستحالة؛ باطلٌ؛ فإنَّ جميع النَّجاسات إنَّما نَجُسَت بالاستحالة؛ كالدَّم؛ فإنَّه مُستحيلٌ عن الغِذاء الطَّاهر، وكذلك البَوْل والعَذِرَة، حتَّى الحيوان النَّجِس مُستحيلٌ عن الماء والتُّراب ونحوهما من الطَّاهرات. ولا ينبغي أنْ يُعبَّر عن ذلك بأنَّ النَّجاسة

<<  <  ج: ص:  >  >>