ثَوْباً وجَفَّ بحيث لم يَبْقَ إلَّا حُكْمُه، أو بقِيَ ما لو بُلَّ بالماء لم يتخَلَّل منه ما فيه الشِّدَّة المُطْرِبَة، فقد طَهُر.
ومن أنكر هذا فيقالُ له: إمَّا أن تُنكِر ما ذَكَرَه الأئمَّة المذكورون أو لا؛ فإن أنْكَرْته، فالكلام معك ساقِطٌ، وإن سلَّمت لَزِمَك أن تُسلِّم الطَّهارة، وإلَّا فأنت مُنْكِرٌ بديهي. انتهى.
وذلك لأنَّ المُقدِّمات صحيحة، فالنَّتيجة بديهيَّةٌ.
وصورة القياس: أن تقول في الخَمْر الذي في الثوب وجَفَّ بحيثُ لا يتخَلَّل منه ما يُسْكِر: هذه خَمْرَةٌ زالت منها عِلَّة الإسكار -أي الشِّدَّة المُطْرِبَة-، وكُلُّ خَمْرٍ زالت منها عِلَّة الإسكار فهي طاهرةٌ؛ فهذه الخَمْرَة طاهِرَةٌ.
أمَّا الصُّغْرى فظاهِرَةٌ؛ إذ هي المفروض، وأمَّا الكُبرى فدليلها كلام الأئمَّة المذكورين.
وكذلك يقال فيما غاصَ في الفَخَّار من الخَمْرِ وجَفَّ بحيث لم يبقَ إلَّا حُكْمُه، أو بقِيَ منه ما لا يتخَلَّل منه ما يُسْكِر. وهذا لا يخالف مسألة الفَخَّار الذي غاصت فيه النَّجاسة المشار إليها بقول الشيخ خليل:«وفَخَّارٌ بغوَّاصٍ»؛ إذ يجب تقييده بما دام الغوَّاصُ نَجِساً، والغوَّاصُ قد طَهُرَ في هذه الحالة؛ إذ هو خَمْرٌ تحَجَّرت، والخَمْر إذا تحَجَّرت طَهُرَت، سواء تحَجَّرت مستقِلَّةً أو في أعماق الفَخَّار.
وقول الشيخ خليل:«خَمْرٌ تَحَجَّر» صادقٌ بهما، ويدلُّ على أنَّه يجب تقييده بما ذكرناه: ما ذكروه في آنية الخَمْر إذا تخلَّل فيها الخَمْر؛ فإنَّها تَطْهُر بطهارة ما غاصَ فيها حقيقةً أو حُكْماً -كما أشاروا-. والله أعلم.
تتمة: تخليل الخَمْر لا يجوز على الرَّاجح، وقيل: مَكروهٌ. انتهى.