للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]؛ فقوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} يعود على المستثنى السابق، وهي ثلاثة أشياء: المَيْتَة، والدَّم المَسْفوح، ولحم الخنزير.

وعلى هذا؛ فالدَّم المَسْفوح الذي يخرج من الحيوان قبل خروج رُوحِه يكون نَجِساً، ويجبُ تطهير البَدَن والثوب منه، إلَّا أنَّ أهل العِلْم -رحمهم الله- استثنوا من ذلك الشيءَ اليسير؛ فقالوا: إنَّه يُعْفَى عنه لمشقَّة التحرُّز منه.

وعلى كُلِّ حالٍ، إذا صَلَّى الإنسان في ثوبٍ مُتلَطِّخ بالدَّم المَسْفوح على وجهٍ لا يُعْفَى عنه؛ فإن كان عَالِماً بهذا الدَّم وعالِماً بالحُكْم الشرعيِّ؛ وهو أنَّ صلاته لا تَصِحُّ، فإنَّ صلاته باطلةٌ، وعليه أن يعيدها، وإن كان جاهلاً بهذا الدَّم لم يَعْلَم به إلَّا بعد صلاته، أو عَلِم به ولكنَّه لم يَعْلَم أنَّه نَجِسٌ مُفْسِدٌ للصَّلاة، فإنَّ صلاته أيضاً صحيحة؛ وذلك لأنَّ (النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: مَا بَالُكُمْ أَلْقَيْتُمْ نِعَالَكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَراً. أَوْ قَالَ: أَذًى). فخلعهما النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يستأنف الصَّلاة؛ فدلَّ هذا على أنَّ من صلَّى بالنجاسة جاهلاً بها فإنَّه لا إعادة عليه، وكذلك من جَهِلَ حُكْمَها.

ومِثلُ الجَهْل النِّسيانُ أيضاً؛ فلو أصاب الإنسان نجاسةٌ على ثوبه أو بَدَنِه وصلَّى قبل أن يغسلها ناسياً، فإنَّ صلاته صحيحةٌ؛ لعموم قول الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، فقال الله تعالى: (قَدْ فَعَلْتُ). ولكن نحن ننصح إخواننا المسلمين إذا أصابتهم نجاسةٌ على

<<  <  ج: ص:  >  >>