رضي الله عنهم مَنْ كان يصلِّي رغم الدِّماء والجِراحات التي تُصيبُهم، فما سَنَدُ القائلين بأنَّ دم الإنسان نَجِسٌ وناقضٌ للوضوء؟ وما الرَّاجِحُ من أقوال أهل العِلْم في ذلك؟
الجواب: المسلمُ لا ينْجُسُ، وهو طاهرٌ حيًّا ومَيِّتاً، ولكن هذا لا يُستَدَلُّ به على طهارة ما خَرَج منه وهو حيٌّ، وما خرج منه بعد موته من فَضَلات، كالدَّم أو القَيْح أو الصَّديد، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه في أكثر من حديث أنَّه أَمَرَ الحَائِضَ أَنْ تَغْسِلَ دَمَ الحَيْضِ، وَأَنْ تَفْرُكَهُ وَتَقْرُصَهُ وَتَنْضَحَهُ بِالمَاءِ، ثمَّ إذا لم يَبْقَ إلَّا أثرُه، لا يضرُّ، ولو غيَّرته المرأة بصُفْرة أو بشيءٍ آخر لكان حَسَناً، فهذا دَمٌ خارج من إنسانٍ مؤمنٍ مُسلمٍ، وهو دَمُ حَيْضٍ أو نَفاسٍ، فلماذا يأمرُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث صحيحة بغَسْل الثوب وغَسْل الدَّم وفَرْكِه أيضاً؟ وقد أرشد إلى أنَّه لو غُيِّر بشيءٍ من الصُّفْرةِ إن لم يذهب أثرُه لم يضرَّ.
والمقصودُ أنَّ الدَّم نَجِسٌ، ونجاسةُ الدَّم مُجْمعٌ عليها، ذكر ذلك النوويُّ في (المجموع).
إنَّما إذا كان الدَّم قليلاً، أو كانت حالة ضرورة، فهذا شيء آخر، ولا يعني أنَّ الدَّم ليس بنَجِسٍ، ولكنَّه يُعْفَى عن القليل واليسير، وعمَّا يَشُقُّ التحرُّز منه، وتُقَدَّرُ حالة الضرورة وحالة العُسْر.
وهناك كثيرٌ من الفَضَلات تخرجُ من الإنسان، وهي نَجِسَةٌ، وإن كان الإنسان طاهراً لا ينْجُسُ، إلَّا أنَّ هذه الفَضَلات نَجِسَةٌ، وهي خارجةٌ من بَدَنِه.
وأمَّا ما أشار إليه من أنَّ بعض الصحابة رضي الله عنهم كانوا يُصلُّون وعليهم الدَّم في الجِرَاحات، فهذا عند العُلَماء محمولٌ على أنَّه يَسيرٌ وفي حالة ضرورةٍ، ويُعْفَى عن اليسير وفي حالة الضرورة عمَّا لا يُعْفَى في حال اليُسْر