للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في (الروضة -١٠/ ١٧١، ط. المكتب الإسلامي): «وما يُزيل العَقْل من غير الأشربة كالبَنْج: حَرامٌ، ولو احتيج في قَطْع اليد المتآكلة إلى زوال عَقْلِه هل يجوز ذلك؟ قلتُ: الأصحُّ الجواز، ولو احتاج إلى دواءٍ يُزيل العَقْل لغرضٍ صحيحٍ جاز تناوله قَطْعاً» اهـ.

ولا تقتصر حُرْمة المُخدِّرات على تناولها فقط، بل يشمل ذلك زراعتها والاتِّجار فيها؛ فالشرع لمَّا حَرَّم الخَمْر حَرَّم أيضاً كُلَّ الأسباب المؤدِّية إلى تداولها، فلَعَن بائعها، ومبتاعها، وآكل ثمنها، وعاصرها، ومعتصرها وحاملها، والمحمولة إليه، ويُقاس على ذلك المُخدِّرات؛ للجامع المشترك بينهما، وهو الاشتراك في مطلق تغييب العَقْل.

يقول العلَّامة ابن حَجَر في (الزواجر - ١/ ٣٥٤): « ... إذا ثبت أنَّ هذه كُلَّها مُسْكِرة أو مُخدِّرة فاستعمالها كبيرة وفسق كالخَمْر، فكُلُّ ما جاء في وعيد شاربها يأتي في مُستعمِل شيءٍ من هذه المذكورات؛ لاشتراكهما في إزالة العَقْل المقصود للشارع بقاؤه؛ لأنَّه الآلة للفَهْم عن الله تعالى وعن رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، والمُتميِّز به الإنسان عن الحيوان، والوسيلة إلى إيثار الكمالات عن النقائص، فكان في تعاطي ما يُزيلُه وعيدُ الخَمْر» اهـ.

وإنَّما قلنا: «مطلق تغييب العَقْل»؛ لأنَّه ثَمَّ فرقٌ بين المُخدِّرات والمُسْكِرات، فليست المخدِّرات من المُسْكِرات، وهو الذي صحَّحه المالكيَّة، ونصَّ عليه الإمام القرافي في (الفروق)، والإمام ابن الحاج في (المدخل).

يقول الإمام القرافي في (الفروق - ١/ ٢١٧): «والفرق بينها أنَّ المتناول من هذه إمَّا أن تغيب معه الحواسُّ أو لا، فإن غابت معه الحواسُّ؛ كالبصر، والسمع، واللَّمس، والشمِّ، والذَّوْق، فهو المُرْقِد -أي المُفتِر-، وإن لم تغب

<<  <  ج: ص:  >  >>