إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠ - ٩١]. انتهى كلام الشيخ محمَّد بن سالم البَيْحاني في ذلك، وقد ذَكَر صفات القات وحَكَمَ عليها بالضرر والنهي والتحريم.
لكنَّ قوله: وأنا لا أقيس القات والتِّنْباك بالخَمْر. إلى آخره - الظاهرُ أنَّ مراده أنَّ غِلَظَ تحريم القات والتِّنْباك ليس كغِلَظِ تحريم الخَمْر وما يجب عليه من حَدٍّ في الدنيا وعِقابٍ في الآخرة، مع اتِّفاقهما في أصل التحريم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاختيارات): فصل: وإذا شككتَ في المطعوم والمشروب هل يُسْكِر أم لا؟ لم يَحرُم عليك بمُجرَّد الشكِّ، ولم يُقَمِ الحَدُّ على شاربه، ولا ينبغي إباحته للناس إذا كان يجوز أن يكون مُسْكِراً؛ لأنَّ إباحة الحَرام مثل تحريم الحلال، فيكشف عن هذا بشهادة من تُقْبَل شهادته؛ مثل أن يكون طَعِمَه ثُمَّ تاب منه، أو طَعِمَه غير معتقدٍ تحريمه، أو مُعتقدٍ حِلَّه لتداوٍ ونحوه، أو مذهب الكوفيِّين في تناول يسير النَّبيذ، فإن شَهِدَ به جماعة ممَّن تناوله معتقداً تحريمه، فينبغي إذا أخبر عددٌ كثيرٌ لا يمكن تواطؤهم على الكذب أن يُحكَم بذلك، فإنَّ هذا مثل التواتر والاستفاضة، كما استفاض بين الفُسَّاق والكُفَّار الموت، والنَّسَب، والنكاح، والطلاق، فيكون أحد الأمرين إمَّا الحُكْم بذلك؛ لأنَّ التواتر لا يُشترط فيه الإسلام والعدالة، وإمَّا الشهادة بذلك بناء على أنَّ الاستفاضة يحصل بها ما يحصل بالتواتر، وإمَّا أن يُمتَحَن بعضُ العدول بتناوله؛ لوجهين:
أحدهما: أنَّه لا يُعلَم تحريم ذلك قبل التأويل، فيجوز الإقدام على