القرآن-، وفيها قيل:(أَحِلُّوا حَلَالَها وَحَرِّمُوا حَرَامَهَا)؛ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[المائدة: ٣]، ثم فصَّلتْ أنواع الميتة المُنْخَنِقة وأخواتها.
دلالة الآيات على حِلِّ ما عدا الأربعة المذكورة
ويلاحظ أنَّ الآيات كلها جاءت بطريق الحصر؛ يدل على أنَّ هذه الأربعة محرَّمة، وعلى أنَّه لم يُحرَّم غيرها، كما يلاحظ أنَّ مجيئها في مكِّي القرآن ومدنيِّه بصيغة واحدة يدلُّ على أنَّ تحريمها وعدم تحريم غيرها هو شرع الله الدائم المستقر المؤكَّد الذي لا يطرأ عليه نسخٌ ولا تقييدٌ. وقد روي ذلك عن ابن عبَّاس رضى الله عنه قال:(لَيْسَ مِنَ الدَّوَابِّ شَيءٌ حَرَامٌ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ): {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ... } الآية [الأنعام: ١٤٥]، كما روي مثله عن ابن عمر، وعائشة، والشعبي؛ حينما سُئِلوا عن حكم غير هذه الأربعة من الحيوانات.
وإلى هذا ذهب جمهورٌ من الفقهاء، ووقفوا في التحريم عند ما تضمَّنته هذه الآيات.
أحاديث واردة في الموضوع
نعم، ورد أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى أو حَرَّم لحوم الحُمُر الأهليَّة، وأنَّه نَهَى عن أكل كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وكلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطُّيور، وأنَّه نَهَى عن أكل الهِرَّة وأكل ثَمَنِها. وقد أخذ بهذا جماعةٌ من الفقهاء؛ فحكموا بحُرْمَةِ ما ورد أنَّ النَّبيَّ نهى عنه أو حَرَّمَه. وقد أخذ بعضُهم من الأمر بقتل بعض الحيوانات -كالحيَّة والعَقْرب والفأْرَةِ والكَلْب العَقور- حُرْمَةَ أَكْلِها.
الأحاديث تفيد الكراهة لا الحرمة
والحقُّ الذي نراه أنَّ الأمر بقتل الحيوان ليس دليلًا على حُرْمَةِ أكْلِه، وأنَّ الآيات الواردة في مكِّي القرآن ومدنيِّهِ لا تنهضُ حكايةُ النَّهْي أو الحُرْمَةِ