للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في نَفْسِه قَلَقٌ؛ مثل أن تكون النِّسْبَة (٥ %) أو (٢ %) أو (١ %)، فهذا لا يؤثِّر.

وأمَّا إذا كانت النِّسْبَة كبيرةً بحيث تؤثِّر، فإنَّ الأَوْلى ألَّا يستعملها الإنسان إلَّا لحاجة؛ مثل تعقيم الجروح وما أشبه ذلك، أمَّا لغير حاجةٍ فالأَوْلى ألَّا يستعملها. ولا نقول: إنَّه حَرامٌ؛ وذلك لأنَّ هذه النِّسْبَة الكبيرة أعلى ما نقول فيها إنِّها مُسْكِر، والمُسْكِر لا شكَّ أنَّ شُرْبَه حَرامٌ بالنصِّ والإجماع، لكن هل الاستعمال في غير الشرب حلالٌ؟ هذا محلُّ نَظَر، والاحتياط ألَّا يُستعمَل، وإنَّما قُلتُ: إنَّه محلُّ نَظَر؛ لأنَّ الله تعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠ - ٩١]، فإذا نظرنا إلى عموم قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} أخذنا بالعموم وقلنا: إنَّ الخَمْر يُجْتنبُ على كُلِّ حال، سواءً كان شراباً أو دهاناً أو غير ذلك، وإذا نظرنا إلى العِلَّة: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} تبيَّن أنَّ المَحْظور إنَّما هو شُرْبه؛ لأنَّ مجرَّد الادِّهان به لا يؤدِّي إلى هذا.

فالخلاصة الآن أن نقول: إذا كانت نسبة الكُحول أو الكالونيا في هذا الطِّيب قليلةً فإنَّه لا بأس به ولا إشكال فيه ولا قَلَقَ فيه، وإن كانت كبيرةً فالأَوْلى تَجنُّبه إلَّا من حاجة، والحاجة مثل أن يحتاج الإنسان إلى تعقيم جُرْح أو ما أشبه ذلك.

[لقاءات الباب المفتوح - ابن عثيمين (رقم ٦٠)]

<<  <  ج: ص:  >  >>