جاء في (الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه): «مِنَ الطاهِر: لَبَنُ الآدميِّ ولو كان كافراً؛ لاستحالته إلى الصلاح». (الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١/ ٥٠).
ثمَّ جاء في موضع آخر:«إذا تغيَّر القَيءُ -وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المَعِدَة- كان نَجِساً، وعِلَّة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغيَّر كان طاهراً». (الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١/ ٥٧).
وعليه؛ فإنَّ انقلاب العَيْن النَّجِسَة الى عَيْن أخرى؛ كأن احترقت فصارت رماداً أو دُخاناً فهي طاهرةٌ؛ قياساً على طهارة الخَمْر بتخلُّلِها، وسواء في ذلك انقلبت بنَفْسِها أو بفِعْل فاعل. وعلى هذا؛ فإنَّ أيَّة نجاسةٍ عَيْنيَّة إذا تحوَّلت إلى عَيْن أخرى بخصائص تركيبيَّة مُخالِفَة، فإنَّها تُعتبر طاهرةً؛ كانتقال عظام المَيْتَة بعد حَرْقها إلى أعيان جديدة من دُخان ورَمادٍ. (أسهل المدارك ج ١/ ٤٠، وانظر: القوانين/٣٤).
وقد وافق ابن تيمية ما ذهب إليه المالكيَّة والأحناف، فقال:«وهذا هو الصواب المقطوع به، فإنَّ هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظاً ولا مَعْنىً، فليست مُحرَّمة، ولا في معنى التحريم، فلا وجه لتحريمها، بل تتناولها نصوص الحِلِّ، فإنَّها من الطيِّبات، وأيضاً في معنى ما اتُّفِق على حِلِّه، فالنصُّ والقياس يقتضي تحليلها، وعلى هذا استحالة الدَّم أو المَيْتَة أو لحم الخنزير، وكُلُّ عَيْن نَجِسَةٍ استحالت إلى عَيْن ثانيةٍ». (مجموع الفتاوى لابن تيمية ج ٢١/ ٦٨).
ويقول ابن تيمية في موضع آخر: «وإذا وَقَعَت النجاسة -كالدَّم، أو المَيْتَة، أو لحم الخنزير- في الماء أو غيره واستُهلِكَت، لم يَبْقَ هناك دَمٌ ولا لحم خنزير أصلاً؛ كما أنَّ الخَمْر إذا استحالت بنَفْسِها وصارت خلًّا،