للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:٩٠]، {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٤٥]، وقد جاء عَقِبَ تحريم هذه المطعومات قوله تعالى: {وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٤٥]، وفي تعبير آخر: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣]، ودلَّ هذا التَّعْقيب الذي هو بمثابة الاستثناء على أنَّ تحريم ما حَرَّمَه الله من هذه المطعومات إنَّما هو في حالة الاختيار؛ حيث لا ضرورة تُلْجئُ إلى تناول شيء منه، ودلَّ على أنَّه إذا وُجِدَت الضرورة التي تدعو إلى تناول شيءٍ منه، أُبِيحَ تناول ما تدعو إليه الضرورة؛ إبقاءً للحياة، وحِفظاً للصِّحَّة، ودَفْعاً للضرر.

ومن هنا يُؤخَذ أنَّ الشريعة الإسلاميَّة تُبيحُ للمسلم أن يُزيل الغُصَّة بتناول الخَمْر إذا لم يجد أمامه ما يُزيلُها سوى الخَمْر.

التَّداوي بالمُحرَّمات:

وتكلَّم الفقهاء بمناسبة ذلك على التَّداوي بالمُحَرَّم، والصحيحُ من آرائهم ما يَلْتقي مع هذا الاستثناء الذي صرَّح به القرآن في آيات التحريم: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣]، ونزولًا على حُكْم قوله: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} كانت الإباحة مقصورة على القَدْر الذي يزول به الضَّرَر، وتعود به الصِّحَّة، ويتمُّ به الصَّلاح، ومن ذلك اشترطوا شرطين:

أحدُهما: في الطبيب الذي يُعالِج ويَصِفُ الدَّواء، وهو أن يكون طبيباً إنسانيًّا حاذِقاً معروفاً بالصِّدْق والأمانة.

والآخر: ألَّا يُوجَد من غير المُحرَّمِ ما يقوم مقامه في العلاج ليكون مُتَعيِّناً،

<<  <  ج: ص:  >  >>