عندما تجلس مع النساء الأُخْرَيات، وتَذْكُر أنَّ شخصاً فيه مثل ما فيها؛ تَساقَطَ مُعْظَم شَعْر رأسه، واستعمل علاجاً وَشُفِيَ رأسُه، ونَبَتَ شَعْرٌ غَزيرٌ، إلَّا أنَّه ذَكَر أنَّ هذا العلاج بعد ما شُفِي عَرَفَ أنَّ هذا العلاج يحتوي على شَحْم الخنزير، وعلى شيءٍ من دَمِه، وهي تريد أن تعرف: هل يجوزُ لها أن تَسْتَطِبَّ بهذا الطبِّ؟ كما أنَّها تَحرَّجَت من استعمال الباروكة؛ لأنَّها ترى أنَّها مُحرَّمة على المرأة المسلمة، وترجو الإفادة من فضيلتكم.
الجواب: هذا السؤال يتضمَّن في الحقيقة فقرتين:
الأُولَى: استعمالُ الباروكة بمثل هذا الحال الذي وصفته؛ حيث تساقط شَعْرُها على وَجْهٍ لا يُرْجَى معه أن يعود. نقول: إنَّ الباروكة في مثل هذه الحال لا بأس بها؛ لأنَّها في الحقيقة ليست لإضافة تجميل، ولكنَّها لإزالة عيبٍ. وعلى هذا؛ فلا تكون من باب الوَصْل الذي لَعَنَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فاعله؛ فقد (لَعَنَ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ)، والواصلة هي التي تَصِلُ شَعْرَها بشيءٍ، لكن هذه المرأة في الحقيقة لا تشبه الواصلة؛ لأنَّها لا تريد أن تضيف تجميلاً أو زيادةً إلى شَعْرِها الذي خَلَقَه الله تبارك وتعالى لها، وإنَّما تريد أن تُزيل عَيْباً حَدَث، وهذا لا بأس به؛ لأنَّه من باب إزالة العَيْب، لا إضافة التجميل، وبين المسألتين فَرْق.
وأمَّا بالنسبة لاستعمال هذا الدَّواء الذي فيه شَحْم الخنزير؛ إذا ثبت أنَّ فيه شَحْماً للخنزير، فهذا لا بأس به عند الحاجة؛ لأنَّ المُحرَّم من الخنزير إنَّما هو أَكْلُه {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}[البقرة: ١٧٣]، وقال الله تعالى آمراً رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}[الأنعام: ١٤٥]، وثبت عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ المَيْتَةِ