للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ٢٢ من سورة ق المارة، لأن الله تعالى يعطي الأعمى قوة النظر يوم القيامة ويعيد الأجزاء الناقصة من الإنسان حتى القلفة، لأن الناس يحشرون كاملي الخلقة لا تزى فيهم أعمى ولا أعور ولا أقطع ولا أعرج ولا ولا، قال تعالى (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الآية ٥٠ من الأعراف المارة، راجع الآية ١٢٥ من سورة طه المارة لاستيفاء هذا البحث، وهذه الآيات المدنيات الأخيرة من هذه السورة، قال تعالى «وَإِنْ كادُوا» قاربوا وأوشكوا «لَيَفْتِنُونَكَ» يخدعونك وإن هذه مخففة من الثقيلة واللام في ليفتنونك تسمى اللام الفارقة بين إن هذه وإن النافية، واسمها ضمير الشان، مقدر دائما، أي أن شأنهم المقاربة لإيقاعك في الفتنة وصرفك «عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد في هذا القرآن «لِتَفْتَرِيَ» تختلق وتتقول «عَلَيْنا غَيْرَهُ» من تلقاء نفسك أو مما اقترحوه عليك.

مطلب تهديد الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلم:

«وَإِذاً» إذا اتبعت أهواءهم وهممت أن تفعل ما أرادوه منك «لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا» ٧٣ لهم مصافيا مواليا ولا تبعوك فيما تأمرهم وتنهاهم مع أنهم أعدائي وصداقتهم تقتضي الانقطاع عن ولايتي، وقيل في المعنى:

إذا صافى صديقك من تعادي ... فقد عاداك وانقطع الكلام

وقال الشافعي رحمه الله: إذا أطاع صديقك عدوك فقد اشتركا في عداوتك، لأن من الوفاء للصديق عدم مصادقة عدوه. قال ابن عباس قدم وفد ثقيف بعد فتح مكة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا نبايعك على ثلاث خصال: لا ننحني في الصلاة، ولا نكسر أصنامنا بأيدينا، وإن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها بل لنأخذ هداياها، فقال صلّى الله عليه وسلم: لا خير في دين لا ركوع ولا سجود فيه، وأما أن لا تكسروا أصنامكم بأيديكم فذلك لكم، وأما الطاغية (يعني اللات) فإني غير ممتعكم بها، قالوا يا رسول الله، إنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا، فإن خشيت أن تقول العرب أعطيتهم ما لم تعطنا فقل أمرني الله بذلك، فسكت النبي صلّى الله عليه وسلم غضبا مما قالوا فطمع القوم في سكوته أن يعطيهم سؤلهم لظنهم أنه راق له ذلك وفي رواية فقام النبي صلّى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه ما بالكم آذيتم رسول الله إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>