مكية، وأن سنة الفتح وإن كانت في السنة الثامنة وكان حضرة الرسول بالمدينة ولم يأت أبو سفيان إلى المدينة ويسلم، إلا أنه يجوز أنه تعلمها حين نزولها في مكة كالعباس لأنه آخر من هاجر ولم يتعلمها إلا في مكة، هذا والوقف على كلمة اليوم أولى وأحسن وأليق، وان أكثر القراء عليه، وجملة يغفر دعائية إذ يبعد على السيد يوسف أن يقولها بقصد الإخبار بالمغفرة من الله، ولو لم تكن الجملة بقصد الدعاء لقطعوا بالمغفرة لهم بمجرد سماعها من أخيهم الصديق، ولم يقولوا لأبيهم استغفر لنا كما سيأتي، ثم بشرهم بقبول عذرهم وأن الله تعالى سيغفر لهم برحمته بقوله «وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ٩٢» بي وبكم وبالخلق أجمع لأني إذا رحمتكم وأنا الفقير القتور، فبالأحرى أن يرحمكم ربي وهو الغني الغفور المتفضل على التائب بالعفو الشامل والرحمة الواسعة، ومن كرم يوسف عليه السلام أنه قدم لهم الطعام وجلس يؤاكلهم فقالوا له إنا نستحي أن نأكل معك بما فرط منا فيك، فقال لا يا إخوتي لأن أهل مصر وإن كنت ملكهم، فإنهم ينظرون إلي بالعين الأولى، لأنهم يعرفونني عبدا للعزيز وخادما له، ولقد شرفت بكم الآن وعظمت في أعينهم، إذ علموا حقيقة ما ذكرته لهم قبلا بأني ابن يعقوب من صلب إبراهيم عليه السلام. وجاء عن ابن عباس أن الملك قال يوما ليوسف عليه السلام: أحب أن تخالطني في كل شيء إلا في أهلي، وأنا آنف أن تأكل معي، أي لأنه غلام العزيز وزيره السابق، فغضب يوسف عليه السلام وقال: أحق أن آنف أنا ابن إبراهيم خليل الله. وفي التوراة التي في أيدي اليهود اليوم أنه عليه السلام لما رأى من إخوته مزيد الخجل أدناهم إليه وقال لا يشق عليكم إذ بعتموني، وإلى هذا المكان أوصلتموني، فإن الله تعالى قد علم ما يقع من القحط والجدب وما ينزل بكم من ذلك ففعل ما أوصلني به إلى هذا المكان والمتكانة ليزيل عنكم بي ما ينزل بكم، ويكون ذلك سببا لبقائكم في الأرض وانتشار ذراريكم فيها. (هذا وقد مضت سنتان من سني الجدب وبقي خمس سنين، إذ ابتدأت المجدبات بعد خروجه من السجن بثلاث سنين وبعد رؤيا الملك بستة وبعد تولية يوسف بسنتين) وقد صيرني الله تعالى مرجعا للعزيز وسيدا لأهله وسلطانا على جميع أهل مصر، فلا يضيق عليكم أمركم ثم سألهم عن حال أبيه