«حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ» بالعذاب «عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا» من قومك، لأن السبب الداعي إليه واحد وهو «أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ ٦» في الآخرة فضلا عن عذاب الدنيا الذي عجلناه لهم، يقرأ أنهم بالكسر على أن الجملة بدل من قوله كلمة ربك وبفتح الهمزة على حذف لام التعليل وهكذا. قال تعالى «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» من الملائكة «وَمَنْ حَوْلَهُ» منهم الحافّين به وهم سادات الملائكة وأعيانهم. وكلمة الذين كلام مستأنف مبتدأ خبره «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» بأنه الواحد الفرد الصمد الذي لا شريك له ولا وزير ولا صاحبة ولا ولد، وهذا إظهار لشرف الإيمان وترغيب المؤمنين به، لأنهم مؤمنون حقا وإيمانهم به معلوم، وهذا على حد وصف الأنبياء بالصلاح والصدق والوفاء وهم كذلك إظهارا لوصف هذه الخصال، وترغيبا للمؤمنين بالاقتداء بهم فيها. وكيفية تسبيحهم والله أعلم هو: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم من هيبة جلاله، وهم أشد خوفا من جميع أهل السموات، لأن العبد كلما ازداد قربا من ربه ازداد معرفة به، وكلما ازداد معرفة ازداد خشية منه، ولذلك من عرف ربه هابه كما أن الذي يتقرب من الملك يعرف من سطوته مالا يعرفه غيره البعيد عنه، فيشتد خوفه بقدر قربه منه ومعرفته له «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» ويقولون في استغفارهم «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» أي وسع علمك ورحمتك كل شيء فكل منها تمييز محول عن الفاعل «فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا» من عبادك من كفرهم وعصيانهم «وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» القويم في الدنيا وآمنوا برسلك وكتبك فاعف عنهم يا مولانا «وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ٧» في الآخرة «رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ» على لسان رسلك يا ربنا، هم «وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ» الغالب المنيع سلطانه البديع شأنه «الْحَكِيمُ ٨» فيما يفعل الذي لا يقع في ملكه إلا ما هو مقتضى حكمته الباهرة. ونظير هذه الآية بالمعنى الآية ٢١ من سورة الطور الآتية والآية ٢٢ من سورة الرعد في ج ٣ فراجعهما،