وفيه هلال بن عبد الله مجهول والحارث يضعف في الحديث، وقال الترمذي فيه حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولأنهما وحدهما لا يكفيان ولا يعد القادر عليهما فقط مستطيعا، لأن المستطيع ينبغي أن يكون صحيحا قادرا على لوازم الحج ذهابا وإيابا فضلا عن دينه وحوائجه وأهله وضرورياتهم مدة ذهابه وإيابه وعلى نفقة من تلزمه نفقته أيضا، فإذا فقد شيء من هذا انتفت الاستطاعة وسقط الفرض، أما العاجز جسما لمرض أو هرم فيشترط له علاوة على ما تقدم القدرة على نفقة من يقوم بخدمته ذهابا وإيابا وإلا فلا يعد مستطيعا أيضا، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من قثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال نعم.
وذلك في حجة الوداع أخرجاه في الصحيحين- والعجز لزمانه كذلك، ويشترط مع أمن الطريق وجود الماء في كل مرحلة، ووجود الرفقة أيضا لكراهة السفر للواحد والاثنين، وإذا كان في الطريق من يطلب خفارة عند المرور منه كأعراب البادية الذين يطلبون خوّة ممن يمرّ بهم فلا يعد أمنا، وهذا هو الحكم الشرعي في ذلك.
هذا ولما تلا هذه الآية حضرة الرسول على جميع أهل الأديان إذ ذاك وهم المبينون في الآية ١٨ من سورة الحج الآتية، قالت اليهود والنصارى ومن تابعهم لا نحج هذا البيت ولا نصلي إليه، أنزل الله «وَمَنْ كَفَرَ» أي ومن جحد فريضة الحج فهو كافر «فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ»(٩٧) وعن طاعتهم لأن كلمة ومن كفر تفيد معنى ومن لم يحج، وهذا تغليظ عظيم على تارك الحج مع القدرة، وفي ذكر الاستغناء دليل على المقت والعياذ بالله والسخط على التارك له كلا. وفي قوله (الْعالَمِينَ) بدل عن/ عنه/ إشارة إلى عظيم غضب الله على من يترك الحج استغناء، لأن الاستغناء عن العالمين يتناول التارك مبدئيا ولم يخصه تهاونا بشأنه واستخفافا به.
وغير خاف أن الحج أحد أركان الإسلام الخمس، وله شروط وأركان وسنن مبينة في كتب الفقه، وذكرنا ما يتعلق بالرمي في الآية ١١٣ من سورة الصافات في