للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلوس «مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ» بعضكم «إِنَّ ذلِكُمْ» الدخول قبل الإذن والانتظار لنضج الطعام عنده، والجلوس بعد الطعام للسمر أو غيره، كل ذلك «كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ» وما كان لكم أن تؤذوه بشيء من ذلك ولا غيره، وهو لا يريد أن يبادركم بالمنع والخروج «فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ» أن يجابهكم بذلك «وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ» لأنه بصالحكم لذلك بينه لكم بقصد تأديبكم «وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً» غرضا ما تريدونه من النساء «فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ» لا تدخلوا عليهن من أجله وليكن سؤالكم برفق وتؤدة ولين «ذلِكُمْ» الطلب من خلف الستار على الوجه المار ذكره «أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ» من أن يقع فيها من وساوس الشيطان ودسائسه بشأنهن «وَقُلُوبِهِنَّ» وطهر أيضا لأن الخواطر القلبية قد لا يخلو منها أحد لا سيما ما ينشأ من النظر إلا من عصمه الله «وَما كانَ لَكُمْ» أيها المؤمنون «أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ» في شيء من الأشياء «وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً» لأنهن محرمات عليكم على التأييد كحرمة أمهاتكم واعلموا «إِنَّ ذلِكُمْ» كله مما يؤذي حضرة الرسول وإن أذاه «كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً» (٥٣) فيعاقب عليه بأعظم العذاب وهذا من إعلام تعظيم الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلم وإيجاب حرمة وقاره حيا وميتا، تشير هذه الآية إلى ما يطيب خاطر الرسول ويسرّ قلبه ويستفرغ شكره ويشرح صدره وتطمئن نفسه. روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال إنه كان ابن عشر سنين فقدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة، قال فكانت أم هانىء توافيني على خدمة رسول الله، فخدمته عشر سنين، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، وكان أول ما أنزل في مبنى رسول الله بزينب بنت جحش حين أصبح يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلم بها عروسا، فدعا القوم فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا وبقي رهط عند النبي صلّى الله عليه وسلم، فأطالوا المكث، فقام النبي فخرج وخرجت معه لكي يخرجوا، فمشى النبي ومشت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة، ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع، حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم قد خرجوا، فرجع

<<  <  ج: ص:  >  >>