رجلّا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم قال لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي فجعل الناس يبتاعون غنائمهم، فجاء رجل فقال يا رسول الله لقد ربحت اليوم ربحا ما ربحه أحد من أهل هذا الوادي، قال ويحك وما ربحت؟ قال ما زلت أبيع وأبتاع حتى ريحت ثلاثمائة أوقية، فقال صلّى الله عليه وسلم ألا أنبئك بخير ربح؟ قال وما هو يا رسول الله؟ قال ركعتان بعد الصلاة أطلقها صلّى الله عليه وسلم فتشمل كل الصلوات المفروضة أي النفل الذي بعدها، ولو كانت قبل الصلاة كنت أظنها صلاة الصبح لقوله فيها إنها خير من الدنيا وما فيها. قالوا ثم طلبت اليهود أن يقرهم في أرضهم على نصف التمر وأن يكفوهم العمل ولهم النصف الآخر، فقال صلّى الله عليه وسلم لا بأس، وقبل منهم وتركهم في بلدهم على ذلك، وقال لهم نترككم ما شئنا، فبقوا على هذا حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه في امارته إلى تيماء وأريحا ولما سمعت أهل فدك بما وقع في خيبر طلبت من الرسول أن يحقن دماءهم وأن يسيرهم ويخلو له الأموال ففعل بهم وأن يصالحهم على مثل ما فعل بخيبر، ففعل أي أجاب صلّى الله عليه وسلم طلب الفريقين الذي أراد الجلاء والذي أراد البقاء على ما طلب، فكانت غنائم خيبر للمسلمين الذين حضروا الحديبية وغنائم فدك لرسول الله خاصة لأنه لم يجلب عليها بخيل ولا ركاب، وقد أشار الله إلى هذه الحادثة في سورة الفتح الآتية في قوله عز قوله (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) الآية ١٩، وقد أسف المنافقون على ما فاتهم من هذه النعمة كما قص الله تعالى عنهم في الآيات المتقدمة، وهذا الخير الثاني الذي وقع بعد صلح الحديبية والثالث هو ما فعله ابو نصير وقومه المشار
إليهم آنفا قال تعالى «الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ابتغاء مرضات الله وإعلاء لكلمته ونصرة لدينه ومعونة لإخوانهم المضطهدين في مكة تحت ضغط الكفرة فيها، فهؤلاء إن قتلوا فهم شهداء وإن بقوا فهم سعداء «وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ» الشيطان من الجن والمتشيطنين من الإنس «فَقاتِلُوا» أيها المؤمنون «أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ» ولا تخشوا كيدهم «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً»(٧٦) لأنه بغي وغرور لا يئول إلى نتيجة حسنة ويوهن وينمحق بمقابلة القتال في سبيل الله نصرة لدينه. قالوا