للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ» سافرتم «فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا» المؤمن من الكافر لا تتهوكوا فتتعجلوا فتقتلوا المؤمن على ظن أنه كافر «وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ» بصيغة تحية الإسلام أو بادركم بالإسلام «لَسْتَ مُؤْمِناً» وتقتلونه بذلك «تَبْتَغُونَ» بقتله «عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا» لتسلبوا ماله وتعدوه غنيمة، كلا لا تفعلوا هذا أبدا «فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ» حلالا لا شبهة فيها يمنحكم، إياها تغنيكم عن، هذه التي ملؤها الإثم «كَذلِكَ» كما كان هذا كافرا وأسلم «كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ» إسلامكم كفارا مثله فسبقته لكم العناية «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ» بالإسلام قبلهم فافعلوا بمن يريد الدخول بالإسلام كما فعل بكم عن طرق الحث والترغيب فيه والصبر على التمنع عنه ليسلم. ثم أكد عليهم ثانيا بقوله «فَتَبَيَّنُوا» وهذا تأنيب وتنقيد لما وقع منهم.

وتقريع وتبكيت لعملهم «إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» (٩٤) لا حاجة بأن تخبروا رسولكم به، لأن الله تعالى يخبره بحقيقة حالكم، وهو يجازيكم على فعلكم بحسب نياتكم. وفي هذه الجملة تهديد لهم وتحذير لمن يعمل عملهم أي إياكم أيها المؤمنون والتهافت على القتيل طلبا للغنيمة فإنه يؤدي بكم إلى الهلاك وعليكم بالاحتراز والاحتياط، قالوا كان مرداس بن بهنك من أهل فدك من بني مرّة بن عوف أسلم وحده فسمع قومه بسرية لرسول الله تريدهم فهربوا وتركوه، فلما جاءت السرية تكبر نزل إليهم مكبرا قائلا لا إله إلا الله محمد رسول الله فضربه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه، فلما جاءوا إلى الرسول قال أقتلتموه إرادة ما معه؟ فنزلت هذه الآية قبل وصولهم. وهذه من معجزاته صلّى الله عليه وسلم إذ أخبره الله بما فعلوا قبل أن يصلوا إليه، وكان صلّى الله عليه وسلم وجد وجدا شديدا، فقال أسامة، ما قالها يا رسول الله إلا خوفا من السلاح، قال أشققت قلبه؟ فقال أسامة استغفر لي يا رسول الله، فقال كيف أنت بلا إله إلا الله كررها ثلاثا؟ قال أسامة وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ، أي ما وقع منه مكرا مع جملة الذنوب، لأن الإسلام يجب ما قبله، وطلب من حضرة الرسول أن يستغفر له وأمره أن يعتق رقبة. قال تعالى «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ» عن الجهاد والغزو «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ» بالرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>