صفة للقاعدين وبالنصب على الاستثناء وبالجر صفة للمؤمنين «أُولِي الضَّرَرِ» المرضى والعميان والعرجان وجميع ذوي العاهات المخلة بالقوى والجوارح. «وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ» بل بينهما بون شاسع ظاهر، وإنما ذكره الله مع العلم به توبيخا وتبكيتا للقاعدين، وتحريكا لهم وتحريضا على الجهاد والغزو «فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً» عظيمة لا يقدر قدرها إلا الله والمراد بالقاعدين في هذه الآية الذين هم ظهر للاسلام الغائبين بقيامهم على ذراريهم وأموالهم ونسائهم لا المتخلفين نفاقا ولا القاعدين كسلا وجبنا، لأن هؤلاء لا فضل لهم حتى يفضل الله عليهم غيرهم، بل منافقون عاصون آثمون خاسرون، ولهذا قال تعالى بحق أولئك المتخلفين على أهالي الغزاة وأموالهم «وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى» الجنة، ولكنهم درجات متفاوتون، أما القاعدون خوفا وجبنا أو كلّا فبعيدة عنهم هذه الحسنى، إلا أن يتغمدهم الله برحمته، وأما القاعدون نفاقا أو عدوانا فموعدهم النار في الآخرة، والهوان في الدنيا. ثم أكد الله تعالى فضل أولئك بقوله «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ» بأموالهم وأنفسهم فقط «عَلَى الْقاعِدِينَ» في مواطن المجاهدين لحفظ أموالهم وذراريهم أو القاعدين الذين أنفقوا أموالهم على المجاهدين أو جهزوا الغزاة بما قدروا عليه القاعدين كسلا أو جبنا أو نفاقا كما مر، لهذا جعل الله لهم «أَجْراً عَظِيماً»(٩٥) لا يعلم كنهه إلا الله العظيم. ثم فسر هذا الأجر بقوله «دَرَجاتٍ» جليلات بدليل إضافتها إليه جل شأنه لأنها «مِنْهُ وَمَغْفِرَةً» لذنوبهم «وَرَحْمَةً» تطهرهم «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»(٩٦) لأن هؤلاء من قبيل المرابطين، وقد أشرنا إلى ما يتعلق بالرباط والجهاد في الآية ١٩٥ من سورة البقرة، أما المجاهدون بأموالهم فقط فلهم أجر عظيم عند الله أيضا، ولكن دون المجاهدين بأنفسهم ودون المرابطين أيضا لذلك بينا آنفا أن تفضيل المجاهدين بأنفسهم فقط أو بأنفسهم وأموالهم على هؤلاء المرابطين، لأن المجاهدين بأموالهم فقط ليسوا مثلهم بالفضل فضلا عن أنهم يفضلون عليهم. واعلم أنه لا يوجد في القرآن إلا ثلاث آيات مبدوءة بحرف الدال هذه الآية ١٠ من سورة يونس والآية ١٦٠ من سورة الأنعام في ج ٢، وذكرنا