وان التي بالجزع من بطن نخلة ... ومن دانها كلّ عن الخير معزل
قالت زدني، فأنشد:
وفينا رسول الله نتلو كتابه ... كما لاح معروف من الصّبح ساطع
أتى بالهدى بعد العمى فنفوسنا ... به موقنات إن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا رقدت بالكافرين المضاجع
فقالت زدني أيضا، فأنشد:
علمت أن وعد الله حق ... وان النّار مثوى الكافرينا
وان محمدا يدعو بحق ... وان الله مولى المؤمنينا
وان العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ... ملائكة الله مسوّمينا
فقالت أما وقد قرأت اكثر من ثلاث آيات من القرآن فقد صدقت وصدق الله وكذب بصري. وهذا من كمال يقينها رحمها الله ورحم زوجها، وذهب بالحال وأخبر رسول الله بذلك كله فتبسم صلّى الله عليه وسلم وقال خيركم خيركم لنسائه. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ» بأن تنهوهم عما نهى الله عنه وتأمروهم بما أمر به وتعلموهم ما ينفعهم ويضرهم من أمر الدّين وما لهم وما عليهم من الحقوق لله ولخلقه وخاصة أزواجكم لأنكم مسؤولون عنهم ومكلفون بتعليمهم وبذلك تخلصون من أن تصلوا «ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ» وهذه نار مخصوصة لا تتقد إلّا بالناس والحجارة بان يكونا كبريتا لها، تتقد به والعياذ بالله وتقدم مثل هذه الجملة في الآية ٣٤ من سورة البقرة «عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ» لم يخلق الله رحمة في قلوبهم ولا شفقة ولا لطفا ولا رأفة وهم شديدوا الانقياد لأوامر الله تعالى «لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ»(٦) به في أعداء الله من انواع العذاب، ولم يتأثروا مما يفعلونه في المعذبين، لأن الله لم يخلق فيهم حنانا على أحد، ولم يتريثوا في إنفاذ أمره بل يوقعونه حالا كلمح البصر أو أقرب. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا» اخرسوا لا تنبسوا بينة شفة فقد انقطعت المحاججة و «لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ»