لهم بما يدّعونه فهم من القدرة والهدى والضلال، ومما يؤكد هذا ويزيد في التوبيخ ونفي ما يتوهمونه في أوثانهم قوله جل قوله «أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها» حتى تخاطبوهم؟ وترجوا نصرهم كأناس أمثالكم، كلا ليس لهم حواس كحواسكم وجوارحكم فليس لكم مصلحة بهم أصلا، فيا أكمل الرسل «قُلِ» لهؤلاء الأغبياء «ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ» واستعينوا بهم لينصروكم أو يدفعوا عنكم ضرا، إن كان ما تتصورونه بها حقا «ثُمَّ كِيدُونِ» جميعا أنتم وشركاؤكم بما تستطيعون من أنواع الحيل والمكر فإن قدرتم علي «فَلا تُنْظِرُونِ ١٩٥» لحظة واحدة ولا تمهلوني لأستعين بأحد عليكم، وإذا تحققتم عدم نصرتها وعدم إجابتها دعاءكم وظهر لكم عجزها وعجزكم أيضا عن أن تمسوني بشيء لأن معبودي يملك النصر ويجيب الدعاء فلا يمكّنكم من إيصال كيدكم إلي، وذلك «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ» القوي العزيز القاهر لكل شيء الحافظ لمن يتولاه الخاذل من يتكل على غيره المذل من عاداه هو الإله «الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ» علي وشرفني بالنبوة «وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ١٩٦» أمثالي لعمارة هذه الأرض ويطهرها من الشرك ويحفظني ومن اتبعني من كيد الكائدين وينصرنا على من يناوثنا «وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ» أنتم وأمثالكم أوثانا «لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ١٩٧» كررت هذه الآية بالمعنى بزيادة بعض الكلمات زيادة في التقريع والتوبيخ، وفيها بيان أن الفرق بين من من تجوز عبادته وهو الله، ومن لا تجوز وهي أوثانكم المشار إليها بقوله «وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى» لما به نفعكم واجتناب ضركم في الدنيا والآخرة «لا يَسْمَعُوا» دعاءكم لأنها جماد أو حيوان «وَتَراهُمْ» يا سيد الرسل «يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ» أي يخيل إليك يا حبيبي أن الأصنام تبصر من ينظرها بعيونها المصنوعة من الجواهر المتلألئة «وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ١٩٨» لأن قوة النظر لا تكون بشيء مما يصوغونه من مكوناتنا، وإنما هي من قدرة الإله الخالق الذي أعجز جميع خلقه عن معرفة المادة الموجودة في الأعين ولا يزالون عاجزين إلى أن يشاء الله. هذا ما يقتضيه